وقال الإمام العلاّمة شمس الدّين محمد بن عبد الرّحمن بن الصّائغ الحنفي:
[السريع]
يا ليلة مرّت بنا حلوة … إن رمت تشبيها لها عبتها
لا يبلغ الواصف في وصفها … حدّا ولا يلقى له منتهى
بتّ مع المعشوق في روضة … ونلت من خرطومه المشتهى
[رباط الآثار]
هذا الرّباط خارج مصر بالقرب من بركة الحبش، مطلّ على النيل، ومجاور للبستان المعروف بالمعشوق (١).
قال ابن المتوّج: هذا الرّباط عمّره الصّاحب تاج الدّين محمد بن الصّاحب فخر الدّين محمد، ولد الصّاحب بهاء الدّين عليّ بن حنّا، بجوار بستان المعشوق (٢)، ومات ﵀ قبل تكملته، ووصّى أن يكمل من ريع بستان المعشوق، فإذا كملت عمارته يوقف عليه، ووصّى الفقيه عزّ الدّين بن مسكين، فعمّر فيه شيئا يسيرا وأدركه الموت إلى رحمة اللّه تعالى، وشرع الصّاحب ناصر الدّين محمد ولد الصّاحب تاج الدّين في تكملته، فعمّر فيه شيئا جيدا (٣). انتهى.
وإنّما قيل له «رباط الآثار»، لأنّ فيه قطعة خشب وحديدة (٤) - يقال إنّ ذلك من آثار رسول اللّه
(١) انظر عن المعشوق، فيما تقدم ٥٢٧: ٣، وكان يقع على النيل بجوار سكن قرية أثر النبي من الجهة البحرية. (٢) ابن إياس: بدائع الزهور ٣٨٥: ١/ ١. (٣) ابن دقماق: الانتصار ١٠٢: ٤، وسمّاه «الرّباط الصّاحبي التّاجي». (٤) شاهد هذه الآثار كلّ من ابن بطّوطة والصّفدي، ذكر ابن بطّوطة أنّها «قطعة من قصعة رسول اللّه ﷺ والميل الذي كان يكتحل به، والإشفي الذي كان يخصف به نعله»، إضافة إلى مصحف أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ﵁ الذي بخطّ يده! (مهذّب رحلة ابن بطّوطة ٣٦)؛ بينما قال الصّفدي: «وقد زرت هذه الآثار في مكانها ورأيتها وهي: قطعة من العنزة (أي الحربه) ومزود ومخصف وملقط وقطعة من قصعة وكحّلت ناظري برؤيتها». (الوافي بالوفيات ٢١٨: ١). وراجع كذلك، القلقشندي: صبح الأعشى ٣٤٣: ٣. وقد نقل السّلطان الأشرف قانصوه الغوري الآثار النبوية، بعد أن أفتى العلماء بجواز نقلها، وجعلها في مدرسته الموجودة الآن بحي الغورية سنة ٩١٠ هـ/ ١٥٠٤ م وأضاف إليها الرّبعة التي كانت بالخانقاه البكتمريّة بالقرافة الصّغرى (فيما تقدم ٧٧٢ - ٧٧٥) (ابن إياس: بدائع الزهور ٦٨: ٤). وظلّت هذه الآثار بمدرسة الغوري حتى تمّ نقلها سنة ١٢٧٥ هـ/ ١٨٥٩ م إلى المسجد الزّينبي، ثم نقلت بعد -