فعظم قتل إبراهيم وعمّته تملّك على نجاح، وجمع النّاس وحارب نفيسا بزبيد حتى قتل نفيس، وملك نجاح المدينة في ذي القعدة سنة اثنتي عشرة، وقال لسيّده مرجان: ما فعلت بمواليك وموالينا. فقال: هم في ذلك الجدار. فأخرجهما وصلّى عليهما ودفنهما، وبنى عليهما مسجدا، وجعل سيّده مرجان موضعهما في الجدار، ووضع معه جثّة نفيس، وبنى عليهما الجدار.
واستبدّ نجاح بمملكة اليمن، وركب بالمظلّة، وضربت السّكّة باسمه. ونجاح مولى مرجان، ومرجان مولى حسين بن سلامة، وحسين مولى رشيد، ورشيد مولى بني زياد. ولم يزل نجاح ملكا حتى مات سنة اثنتين وخمسين وأربع مائة، سمّته جارية أهداها إليه الصّليحي. وترك من الأولاد عدّة، فملك منهم سعيد الأحول وإخوته عدّة سنين حتى استولى عليهم الصّليحي، فهربوا إلى دهلك.
ثم قدم منهم جيّاش بن نجاح إلى زبيد متنكّرا، وأخذ منها وديعة وعاد إلى دهلك. فقدمها أخوه سعيد الأحول بعد ذلك واختفى بها، واستدعى أخاه جيّاشا، وسارا في سبعين رجلا يوم التاسع من ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين، وقصدوا الصّليحي وقد سار إلى الحجّ، فوافوه عند بئر أمّ معبد، وقتلوه في ثاني عشر ذي القعدة المذكور، وقتل معه ابنه عبد اللّه واحتزّ سعيد رأسيهما، واحتاط على امرأته أسماء بنت شهاب، وعاد إلى زبيد ومعه أخوه جيّاش، والرّأسان بين أيديهما على هودج أسماء، وملك اليمن.
فجمع المكرّم بن أسماء، في سنة خمس وسبعين، وسار من الجبال إلى زبيد وقاتل سعيدا، ففرّ سعيد، وملك المكرّم - واسمه أحمد - وأنزل رأس الصّليحي وأخيه ودفنهما، وولّى زبيد خاله أسعد بن شهاب، وماتت أسماء أمّه بعد ذلك في صنعاء سنة سبع وسبعين. ثم عاد ابنا نجاح إلى زبيد، وملكاها في سنة تسع وسبعين، ففرّ أسعد بن شهاب. ثم غلبهما أحمد المكرّم بن علي الصّليحي، وقتل سعيد بن نجاح في سنة إحدى وثمانين، وفرّ أخوه جيّاش إلى الهند. ثم عاد وملك زبيد في سنة إحدى وثمانين المذكورة، فولدت له جاريته الهندية ابنه الفاتك بن جيّاش.
وبقي المكرّم في الجبال يغير على بلاد جيّاش، وجيّاش يملك تهامة حتى مات آخر سنة ثمان وتسعين. فملك بعده ابنه فاتك. وخالف عليه أخوه إبراهيم، ومات فاتك سنة ثلاث وخمس مائة. فملك بعده ابنه منصور بن فاتك وهو صغير، فثار عليه عمّه إبراهيم فلم يظفر، وثار بزبيد عبد الواحد بن جيّاش وملكها، فسار إليه عبيد فاتك واستعادوها.
ثم مات منصور، وملك بعده ابنه فاتك بن منصور. ثم ملك بعده ابن عمّه فاتك بن محمّد ابن فاتك بن جيّاش، في سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة، حتى قتل سنة ثلاث وخمسين وخمس