للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما زال مكرّما محترما إلى أن (a) مات الملك الكامل، فقبض عليه العادل ابن الكامل واعتقله.

فلمّا خلع العادل بأخيه الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب، أطلقه وأمره وبالغ في الإحسان إليه، وبعثه على العساكر إلى الكرك فأوقع بالخوارزمية وبدّد شملهم، وكانوا قد قدموا من المشرق إلى غزّة، وأقام الدّعوة للصّالح في بلاد الشّام وعاد. ثم قدّمه على العساكر، فأخذ طبريّة من الفرنج وهدمها، وأخذ عسقلان من الفرنج وهدم حصونها، ونازل (١) حمص حتى أشرف على أخذها.

ثم تقدّم على العساكر لقتال (b) الفرنج بدمياط، فمات السّلطان عند المنصورة وقام بتدبير الدّولة بعده خمسة وسبعين يوما إلى أن استشهد في رابع ذي القعدة سنة سبع وأربعين وستّ مائة، فحمل من المنصورة إلى القرافة فدفن بها (٢).

وأمّا كمال الدّين أحمد، فإنّ الملك الكامل استنابه بحرّان والجزيرة، وولي تدريس المدرسة النّاصريّة بجوار الجامع العتيق بمصر، وتدريس الشّافعي بالقرافة، ومشيخة الشّيوخ بديار مصر، وقدّمه الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب على العساكر غير مرّة، ومات بغزّة في صفر سنة تسع وثلاثين وستّ مائة.

وأمّا معين الدّين حسن فإنّه ولي مشيخة الشّيوخ بديار مصر، وبعثه الملك الكامل في الرّسالة عنه إلى بغداد، ثم أقامه نائب الوزارة إلى أن مات. فاستوزره الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب في ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وستّ مائة، وجهّزه على العساكر في هيئة الملوك إلى دمشق، فقاتل الصّالح إسماعيل بن العادل حتى ملكها، ومات بها في ثاني عشرين رمضان سنة ثلاث وأربعين وستّ مائة.

وقد ذكرت أولاد شيخ الشّيوخ في كتاب «تاريخ مصر الكبير»، واستقصيت فيه أخبارهم (٣)، واللّه أعلم.


(a) بولاق: حتى.
(b) بولاق: بقتال.
(١) راجع، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان ٧٢١: ٨ - ٧٢٤؛ المنذري: التكملة لوفيات النقلة ٥٠٦: ٣ - ٥٠٧، أبا شامة: ذيل الروضتين ١٦٧ - ١٦٨؛ الذهبي: سير أعلام النبلاء ٩٧: ٢٣ - ٩٩؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٣١٣: ٦ - ٣١٤.
(٢) فيما تقدم ٥٩٥: ١ - ٦٠٠، وراجع، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان ٧٧٦: ٨ - ٧٧٨؛ أبا شامة: ذيل الروضتين ٧٧٦: ٨ - ٧٧٨؛ الذهبي: سير أعلام النبلاء ١٠٠: ٢٣ - ١٠٢؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ٣١٧: ٢٩ - ٣٢١؛ السبكي: طبقات الشافعية الكبرى ٣٦٣: ٨ - ٣٦٤؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٦٣: ٦.
(٣) المقريزي: المقفى الكبير ٤٢٠: ٦ - ٤٢٢، وانظر كذلك المنذري: التكملة لوفيات النقلة ١٥: ٣ - ١٦؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ٢٥٩: ٤. ولم يترجم المقريزي فيما وصل إلينا من «المقفى الكبير» لأحد من أولاد الشيخ صدر الدّين بن حمويه.