للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملوك، تفرّقوا في ممالك متّصلة، فمنهم المسمّى بأبجد، وهوّز، وحطّي، وكلمن، وسعفص، وقرشت.

وهم - على ما ذكرنا - بنو المحصّن (a) بن جندل، وأحرف الجمّل هي أسماء هؤلاء الملّوك، وهي الاثنان والعشرون حرفا التي عليها حساب الجمّل. وقد قيل في هذه الحروف غير ما ذكرنا من الوجوه.

فكان أبجد ملك مكّة وما يليها من الحجاز؛ وكان هوّز وحطّي ملكين ببلاد وجّ - وهي الطّائف - وما اتّصل بذلك من أرض نجد؛ وكلمن وسعفص وقرشت ملوك بمدين وقيل ببلاد مصر، وكان كلمن على ملك مدين.

ومن النّاس من رأى أنّه كان ملك جميع من سمّينا مشاعا متّصلا على ما ذكرنا، وأنّ عذاب ﴿يَوْمِ اَلظُّلَّةِ﴾ كان في ملك كلمن منهم، وأنّ شعيبا دعاهم فكذّبوه، فوعدهم بعذاب يوم الظّلّة (١)، ففتح اللّه (b) عليهم بابا من السّماء من نار، ونجا شعيب بمن آمن معه إلى الموضع المعروف بأيكة (c)، وهي غيضة نحو مدين.

فلمّا أحسّ القوم بالبلاء، واشتدّ عليهم الحرّ، وأيقنوا بالهلاك، طلبوا شعيبا ومن آمن معه - وقد أظلّتهم سحابة بيضاء، طيّبة النّسيم والهواء، لا يجدون فيها ألم العذاب - فأخرجوا شعيبا ومن آمن معه من مواضعهم، وأزالوهم عن أماكنهم، وتوهّموا أنّ ذلك ينجيهم ممّا نزل بهم، فجعلها اللّه عليهم نارا فأتت عليهم.

(٢) فرثت جارية بنت كلمن أباها، وكانت بالحجاز، فقالت:

[الرمل]

كلمون هدّ ركني … هلكه وسط المحلّه

سيّد القوم أتاه الح … تف نارا وسط ظلّه

كوّنت نارا فأضحت … دار قومي مضمحلّه (٢)


(a) مروج الذهب: المحض.
(b) ساقطة من بولاق.
(c) بولاق: بأيلة.
(١) يقصد قوله تعالى: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ اَلظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الآية ١٨٩ سورة الشعراء].
(٢ - ٢) هذه الفقرة والأبيات ساقطة من مروج الذهب وأوردها ابن النديم في الفهرست ٧، وفيه البيت الأخير:
جعلت نارا عليهم … دارهم كالمضمحلّة