للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوزير إذا كان من أرباب الأقلام يطلق عليه اسم «الصّاحب»، بخلاف ما إذا كان الوزير (a) من أرباب السّيوف فإنّه لا يقال له الصّاحب.

وأصل هذه الكلمة في إطلاقها على الوزير أنّ الوزير إسماعيل بن عبّاد كان يصحب مؤيّد الدّولة أبا منصور بويه بن ركن الدّولة الحسن بن بويه الدّيلمي صاحب بلاد الرّيّ. وكان مؤيّد الدّولة شديد الميل إليه والمحبّة له فسمّاه «الصّاحب»، وكان الوزير حينئذ أبو الفتح عليّ بن العميد يعاديه لشدّة تمكّنه من مؤيّد الدّولة، فتلقّب الوزراء بعد ابن عبّاد بالصّاحب. ولا أعلم أحدا من وزراء خلفاء بني العبّاس، ولا وزراء الخلفاء الفاطميين، قيل له الصّاحب.

وقد جمعت في وزراء الإسلام كتابا جليل القدر، وأفردت وزراء مصر في تصنيف بديع (١).

والذي أعرف أنّ الوزير صفيّ الدّين عبد اللّه بن شكر - وزير العادل والكامل من ملوك مصر من بني أيّوب - كان يقال له الصّاحب، وكذلك من بعده من وزراء مصر إلى اليوم.

وكان وضع الوزير أنّه أقيم لنفاذ كلمته (b) وتمام تصرّفه. غير أنّها انحطّت عن ذلك بنيابة السّلطنة، ثم انقسم ما كان للوزير إلى ثلاثة: هم النّاظر في المال، وناظر الخاصّ، وكاتب السّرّ فإنّه يوقّع في دار العدل ما كان يوقّع فيه الوزير بمشاورة واستقلال (٢).

ثم تلاشت الوزارة في الأيّام الظّاهريّة برقوق بما أحدثه من «الدّيوان المفرد». وذلك أنّه لمّا ولي السّلطنة أفرد إقطاعه لمّا كان أميرا قبل سلطنته، وجعل له ديوانا سمّاه «الدّيوان المفرد»، وأقام فيه ناظرا وشاهدين وكتّابا، وجعل مرجع هذا الدّيوان إلى الأستادّار، وصرف ما يتحصّل منه في جوامك مماليك استجدّها شيئا بعد شيء حتى بلغت خمسة آلاف مملوك، وأضاف إلى هذا الدّيوان كثيرا من أعمال الدّيار المصرية. وبذلك قوي جانب الأستادّار وضعفت الوزارة، حتى


(a) ساقطة من بولاق.
(b) بولاق: كلمة السلطان. Sociales ٤٠ - ٤٣ (١٩٧٥)، pp. ٨٧ - ١٢٠; Abd ar- Raziq، A.، «Le vizirat et les vizirs de l'Egypte au temps des Mamluks، An.Isl.XVI (١٩٨٠)، pp.
١٨٣ - ٢٣٩؛ حمود بن محمد النجيدي: «التطور الوزاري في مصر المملوكية»، مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ٢٣ (رجب ١٤١٩ هـ)، ٢٦١ - ٣٤٩.
(١) هو كتاب «تلقيح العقول والآراء في أخبار الجلّة الوزراء» (فيما تقدم ٤٥٢: ٢). ولم يصل إلينا للأسف هذا الكتاب.
(٢) ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار ٥٩ - ٦٠.