للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن عبد الحكم: بعث عمرو بن العاص قيس بن الحارث إلى الصّعيد، فسار حتى أتى القيس فنزل بها فسمّيت به (١).

وقال ابن يونس (٢): قيس بن الحارث المرادي ثم الكعبي، شهد فتح مصر يروي عن عمر بن الخطّاب، وكان يفتي الناس في زمانه. روى عنه سويد بن قيس - وقيل شديد بن قيس بن ثعلبة - وروى عنه عسكر بن سوادة. وهو الذي فتح القرية بصعيد مصر المعروفة بالقيس فنسبت إليه.

وقال ابن الكندي: ولهم ثياب الصّوف، والأكسية المرعز، وليس هي بالدنيا إلاّ بمصر.

وذكر بعض أهل مصر أنّ معاوية بن أبي سفيان لمّا كبر كان لا يدفأ، فأجمعوا أنّه لا يدفيه إلاّ أكسية تعمل بمصر من صوفها المرعز العسلي الغير المصبوغ. فعمل له منها عدد، فما احتاج منها إلاّ إلى واحد. ولهم طراز القيس والبهنسا في السّتور والمضارب، يعرفون به، ومنه طراز أهل الدنيا (a) (٣).

وظهر بها بالقرب من البهنسا سرب في أيّام السّلطان الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر ابن أيّوب، فأمّر متولّي البهنساوية بكشفه، فجمع له أهل المعرفة بالعوم والغطس، فكانوا ما ينيف على مائتي رجل ما فيهم إلاّ من نزل السّرب فلم يجد له قرارا ولا جوانب.

فأمر بعمل مركب طويل رقيق بحيث يمكن إدخاله من رأس السّرب وشحنه بالأزواد والرّجال، وركّب فيه حبالا مربوطة في خوازيق عند رأس السّرب، وحمل مع الرجال آلات يعرفون بها أوقات اللّيل والنّهار، وعدّة شموع وغيرها ممّا تستخرج به النار وتشعل به، وأمرهم أن يسلكوا بالمركب في السّرب حتى ينفذ نصف ما معهم من/ الزّاد. فساروا بالمركب في ظلمة وهم يلقون الحبال ولا يجدون لما هم سائرون فيه من الماء جوانب. فما زالوا حتى قلّت أزوادهم،


(a) في فضائل مصر: ما يفوقون به طراز أهل الدنيا. اسمها القديم، وكانت تعد من جملة الأعمال البهنساوية، وتقلد القيس والبهنسا في عهد الخليفة الحاكم بأمر اللّه الفاطمي المؤرخ المصري الأمير المختار عز الملك المسبّحي، وهي الآن تابعة لمركز بني مزار بمحافظة المنيا (ياقوت: معجم البلدان ٤٢٢: ٤؛ محمد رمزي: القاموس الجغرافي ٢١٥: ٣/ ٢).
(١) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ١٦٩ وفيما يلي ٦٧٥.
(٢) انظر عنه فيما تقدم ٦١.
(٣) ابن الكندي: فضائل مصر ٤٨ - ٤٩؛ وانظر عن الصوف المرعز. Serjeant، R.B.، Islamic Textiles، pp. ٥٣ - ١٦١، ٢٥٢.