للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحبها الماء ليست بشيء. فأقام بجكم وعليّ بن بدر إلى آخر النّهار، ومضوا إلى جهة الإسكندرية.

وعاد الإخشيد إلى داره، فأخذ في تحويل الصّناعة من موضعها بالجزيرة إلى دار خديجة بنت الفتح في شعبان سنة خمس وعشرين وثلاث مائة، وكان إذ ذاك عندها سلّم ينزل منه إلى الماء. وعندما ابتدأ في إنشاء المراكب بها صاحت به امرأة، فأمر بأخذها إليه، فسألته أن يبعث معها من يحمل المال، فسيّر معها طائفة، فأتت بهم إلى دار خديجة هذه ودلّتهم على موضع منها. فأخرجوا منه عينا وورقا وحليّا وغيره، وطلبت المرأة فلم توجد ولا عرف لها خبر.

وكانت مراكب الأسطول مع ذلك تنشأ في الجزيرة في صناعتها إلى أيّام الخليفة الآمر بأحكام اللّه تعالى؛ فلمّا ولي المأمون بن البطائحي الوزارة (a) أنكر ذلك، وأمر أن يكون إنشاء الشّواني والمراكب النّيلية الدّيوانية بصناعة مصر هذه، وأضاف إليها دار الزّبيب، وأنشأ بها منظرة لجلوس الخليفة يوم تقدمة الأسطول ورميه، فأقرّ إنشاء الحربيات والشّلنديّات بصناعة الجزيرة. وكان لهذه الصّناعة دهليز مادّ بمساطب مفروشة بالحصر العبدانية بسطا وتأزيرا، وفيها محلّ ديوان الجهاد (١)، وكان يعرف في الدّولة الفاطمية (b)) بديوان العمائر، ثم عرف في الدّولة الأيّوبية بديوان الأسطول. وكان في الدّولة الفاطميّة (b) لا يدخل من باب هذه الصّناعة أحد راكبا إلاّ الخليفة والوزير إذا ركبا في «يوم فتح الخليج» عند وفاء النّيل. فإنّ الخليفة كان يدخل من بابها، ويشقّها راكبا والوزير معه حتى يركب النّيل إلى المقياس - كما قد ذكر في موضعه من هذا الكتاب (٢) - ولم تزل هذه الصّناعة عامرة إلى قبيل (c) سنة سبع مائة (d)، ثم صارت بستانا عرف ببستان ابن كيسان، ثم عرف في زمننا ببستان الطّواشي.


(a) ساقطة من بولاق.
(b-b) ساقطة من بولاق، والعبارة فيها: .. الدولة الفاطمية أن لا يدخل.
(c) بولاق: ما قبل.
(d) في هامش آياصوفيا: بياض سطر.
(١) ابن المأمون: أخبار مصر ١٠٠ - ١٠١؛ وفيما تقدم ٥٧٠: ٢.
(٢) فيما تقدم ٥٥٢: ٢ - ٥٥٣.