للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تمام السنة الكبيسة الكبرى خمس سنين، فانتظر حتى مضى من ملكه خمس سنين، ثم حملهم على كبس الشّهور في كلّ أربع سنين بيوم كما تفعل الرّوم. فترك القبط من حينئذ استعمال أسماء الأيّام الثلاثين لاحتياجهم في يوم الكبس إلى اسم يخصّه (١)، وانقرض بعد ذلك مستعملو أسماء الأيام الثلاثين من أهل مصر والعارفون بها، ولم يبق لها ذكر يعرف في العالم بين النّاس، بل دثرت كما دثر غيرها من أسماء الرّسوم القديمة والعادات الأول، سنّة اللّه في الذين خلوا من قبل.

وكانت أسماء شهور القبط في الزّمن القديم: توت، باؤني (a)، أثور، شواقي (b)، طوبى، ماكير، فامينوث، برموثي، ناخون، باوني، أفيفي، أبيقا، وكلّ شهر منها ثلاثون يوما، ولكلّ يوم اسم يخصّه. ثم أحدث بعض رؤساء القبط، بعد استعمالهم الكبس، الأسماء التي هي اليوم متداولة بين الناس بمصر؛ إلاّ أنّ من الناس من يسمّي كيهك كياك، ويقول في برمهات برمهوط، وفي بشنس بشانس، وفي مسرى ماسوري.

ومن النّاس من يسمّي الخمسة الأيّام الزائدة أيّام النّسيء، ومنهم من يسمّيها أبو غمنا (c)، ومعنى ذلك: الشّهر الصّغير، وهي كما تقدّم تلحق في آخر مسرى، وفيه يزاد اليوم الكبيس، فيكون أبو غمنا (c) ستة أيام حينئذ، ويسمّون السّنة الكبيسة النّقط، ومعناه العلامة (٢).

ومن خرافات القبط أنّ شهورهم هي شهور سني نوح وشيث وآدم منذ ابتداء العالم، وأنّها لم تزل على ذلك إلى أن خرج موسى ببني إسرائيل من مصر، فعملوا أوّل سنتهم خامس عشر نيسان كما أمروا به في التّوراة، إلى أن نقل الإسكندر رأس سنتهم إلى أوّل تشرين.

وكذلك المصريون نقل بعض ملوكهم أوّل سنتهم إلى أوّل يوم من ملكه، فصار أوّل توت عندهم يتقدّم أوّل يوم/ خلق فيه العالم بمائتين وثمانية أيام، أوّلها يوم الثّلاثاء وآخرها يوم السّبت.

وكان توت أوّله في ذلك الوقت يوم الأحد، وهو أوّل يوم خلق اللّه فيه العالم، الذي يقال له الآن تاسع عشري برمهات.


(a) بولاق: بؤوني.
(b) بولاق: شواق.
(c) بولاق: أبو عمنا.
(١) مصدر هذه المعلومات البيروني: الآثار الباقية ٤٨ - ٤٩.
(٢) نفسه ٤٩ - ٥٠.