إلى الأمير تنكز، نائب السّلطنة بدمشق، بعد أن قبض على الأمير سيف الدّين طغاي الكبير يقول له: هذا بكتمر السّاقي يكون لك بدلا من طغاي، اكتب إليه بما تريد من حوائجك (١). فعظم بكتمر، وعلا محلّه، وطار ذكره. وكان السّلطان لا يفارقه ليلا ولا نهارا إلاّ إذا كان في الدّور
= تزل هناك إلى سنة تسع وتسع مائة، فلمّا أنشأ الملك الأشرف قانصوه الغوري، مدرسته التي في الشّرابشيين نقل هذه الرّبعة إلى مدرسته، وهي مقيمة بها إلى الآن». (بدائع الزهور ٤٦٧: ١/ ١، ٦٩: ٤). أقول: هذه الرّبعة - وتقع في ثلاثين جزءا - كتبها عبد اللّه بن محمد بن محمود الهمذاني، في جمادى الأولى من شهور سنة ثلاث عشرة وسبع مائة، بدار الخيرات الرّشيدية بهمذان؛ وهي الرّبعة التي أمر بكتابتها الخان الإيلخاني أولجايتو (٧٠٣ - ٧١٦ هـ). وقد نقلت هذه الرّبعة من مدرسة الغوري في نهاية القرن التاسع عشر إلى الكتبخانة الخديوية (دار الكتب المصرية) وهي محفوظة بها تحت رقم ٧٢ مصاحف. ولا نعلم الملابسات التي أدّت إلى وصول هذه الرّبعة التي كتبت في همذان إلى الأمير بكتمر السّاقي في القاهرة ليوقفها على تربته بالقرافة الصّغرى في سنة ٧٢٦ هـ/ ١٣٢٦ م، سوى أن تكون قد وصلت إلى السّلطان الناصر محمد بن قلاوون بإهداء من الإيلخانيين، ثم أهداها الناصر محمد إلى بكتمر، فقد كان من الأمراء المقرّبين إلى السّلطان حتى إنّ ابنه آنوك تزوّج من ابنة الأمير بكتمر السّاقي. (انظر فيما تقدم ٢٢٢: ٣ - ٢٢٣، وحجّة وقف الناصر محمد على الأمير بكتمر السّاقي وذرّيته المؤرخة في ١٣ محرم سنة ٧٢١ هـ، نشرها محمد محمد أمين في نهاية الجزء الثاني من كتاب «تذكرة النبيه» لابن حبيب، القاهرة ١٩٨٢ م). وفيما يلي نصّ وقفيّة بكتمر للرّبعة: «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم. وقف وحبس وسبّل وأبّد وتصدّق العبد الفقير إلى اللّه تعالى حصن المسلمين ملجأ القاصدين أبو سعيد سيف الدّين بكتمر بن عبد اللّه السّاقي الملكي الناصري، نفعه اللّه بالقرآن العظيم، جميع هذه الرّبعة الشّريفة المكرّمة المعظّمة وعدّتها ثلاثون جزءا على كافّة المسلمين في القراءة والمطالعة والنقل والدّراسة، وقفا صحيحا شرعيّا وجعل مستقرّها بالقبّة التي بالتّربة المعروفة بإنشائه بالقرافة الصّغرى المجاورة لحوش الملك الظّاهر، وجعل النظر في ذلك لنفسه مدّة حياته ثم من بعد لذرّيته وذرّية ذرّيته وإن يعلو الأرشد فالأرشد، فإذا انقرضت الذّريّة ولم يبق منهم أحد يكون النظر في ذلك الوقف للشيخ المقيم بالتّربة المذكورة، يجري الحال في ذلك كذلك إلى أن يرث اللّه الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين. وشرط الواقف المذكور أنّ الرّبعة المذكورة لا تخرج من التّربة المذكورة ولا تعاد ولا تخرج إلاّ للإصلاح، فحرام حرام على من غيّره أو بدّله، ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى اَلَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾. وقع أجر الواقف المذكور على اللّه ﷿ الذي لا يضيع أجر من أحسن عملا، وذلك في سنة ستّ وعشرين وسبع مائة». James، D.، Qur'ans of The Mamluks، p.)؛ ٢٣٩ أيمن فؤاد: الكتاب العربي المخطوط ٣١٨ - ٣١٩، ٤٣٠ - ٤٣١). (١) راجع ترجمة بكتمر السّاقي، المتوفى سنة ٧٣٣ هـ/ ١٣٣٢ م، عند الصفدي: أعيان العصر ٧٠٩: ١ - ٧١٤ (مصدر النقل)، الوافي بالوفيات ١٩٣: ١٠ - ١٩٧؛ ابن حبيب: تذكرة النبيه ٢٣٥: ٢؛ المقريزي: المقفى الكبير ٤٦٨: ٢ - ٤٧٤، السلوك ٣٦٤: ٢؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ١٩: ٢؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٠٠: ٩، المنهل الصافي ٣٩٠: ٣ - ٣٩٧؛ ابن إياس: بدائع الزهور ١/ ٤٦٤: ١.