للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السّلطانية، ثم زوّجه بجاريته وحظيّته، فولدت لبكتمر ابنه أحمد، وصار السّلطان لا يأكل إلاّ في بيت بكتمر ممّا تطبخه له أمّ أحمد في قدر من فضّة، وينام عندهم، ويقوم، واعتقد الناس أنّ أحمد ولد السّلطان لكثرة ما يطيل حمله وتقبيله.

ولمّا شاع ذكر بكتمر، وتسامع الناس به، قدّموا إليه غرائب كلّ شيء، وأهدوا إليه كلّ نفيس، وكان السّلطان إذا حمل إليه أحد من النوّاب تقدمة لا بد أن يقدّم لبكتمر مثلها أو قريبا منها، والذي يصل إلى السّلطان يهب له غالبه. فكثرت أمواله، وصارت إشارته لا تردّ، وهو عبارة عن الدّولة، وإذا ركب كان بين يديه مائتا عصا نقيب، وعمّر له السّلطان القصر على بركة الفيل (١).

ولمّا مات بطريق الحجاز في سنة ثلاث وثلاثين وسبع مائة، خلّف من الأموال والقماش والأمتعة والأصناف والزّردخاناه ما يزيد على العادة والحدّ، ويستحي العاقل من ذكره. فأخذ السّلطان من خيله أربعين فرسا، وقال: هذه لي ما وهبته إيّاها. وبيع الباقي من الخيل على ما أخذه الخاصّكية بثمن بخس بمبلغ ألف ألف درهم فضّة ومائتي ألف درهم وثمانين ألف درهم فضّة، خارجا عمّا في الجشارات.

وأنعم السّلطان بالزّردخاناه والسّلاحّ خاناه التي له على الأمير قوصون بعدما أخذ منها سرجا واحدا وسيفا: القيمة عن ذلك ستّ مائة ألف دينار. وأخذ له السّلطان ثلاثة صناديق جوهرا مثمّنا لا تعلم قيمة ذلك.

وبيع له من الصّيني والكتب والختم والرّبعات ونسخ البخاري، والدّوايات الفولاذ والمطعّمة، والبصم بسقط الذّهب وغير ذلك، ومن الوبر والأطلس، وأنواع القماش السّكندري والبغدادي وغير ذلك شيء كثير إلى الغاية المفرطة. ودام البيع لذلك مدّة شهور.

وامتنع القاضي شرف الدّين النشو ناظر الخاصّ، من حضور البيع، واستعفى من ذلك، فقيل له: لأي شيء فعلت ذلك؟ قال: ما أقدر أصبر على غبن ذلك؛ لأنّ المائة درهم تباع بدرهم.


(١) فيما تقدم ٢٢١: ٣ - ٢٢٣.