للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غياثهم، فاجمعهم إليك ولا تفرّقهم، فإن أبوا وأعجبهم مكانهم فابن عليهم حصنا من فيء المسلمين.

فجمعهم عمرو وأخبرهم بكتاب عمر، فامتنعوا من الخروج من الجيزة. فأمر عمرو ببناء الحصن عليهم، فكرهوا ذلك وقالوا: لا حصن أحصن لنا من سيوفنا. وكرهت ذلك همدان ونافع، فأقرع عمرو بينهم فوقعت القرعة على نافع، فبنى فيهم الحصن في سنة إحدى وعشرين، وفرغ من بنائه في سنة اثنتين وعشرين.

وأمرهم عمرو بالخطط بها: فاختطّ ذو أصبح من حمير من الشّرق، ومضوا إلى الغرب حتى بلغوا أرض الحرث والزّرع، وكرهوا أن يبنى الحصن فيهم. واختطّ نافع بن الحارث من رعين بوسط الجيزة، وبني الحصن في خططهم، وخرجت طائفة منهم عن الحصن أنفة منه. واختطّت بكيل بن جشم بن نوف - من همدان - في مهبّ الجنوب من الجيزة في شرقيها. واختطّت حاشد بن جشم بن نوف في مهبّ الشّمال من الجيزة في غربيها. واختطّت الحياوية بنو عامر بن بكيل في قبلي الجيزة. واختطّت بنو حجر بن أرحب بن بكيل في قبلي الجيزة. واختطّ بنو كعب ابن مالك بن الحجر بن الهبو بن الأزد فيما بين بكيل ونافع. والحبشة اختطّوا على الشّارع الأعظم (١).

والمسجد الجامع بالجيزة بناه محمد بن عبد اللّه الخازن، في المحرّم سنة خمسين وثلاث مائة، بأمر الأمير عليّ بن الإخشيد، فتقدّم كافور إلى الخازن ببنائه وعمل له مستغلاّ. وكان الناس قبل ذلك بالجيزة يصلّون الجمعة في مسجد همدان، وهو مسجد مراحق بن عامر بن بكيل، كان يجمع فيه الجمعة في الجيزة؛ وشارف بناء هذا الجامع، مع الخازن، أبو الحسن بن أبي جعفر الطّحاوي.

واحتاجوا إلى عمد للجامع، فمضى الخازن في اللّيل إلى كنيسة بأعمال الجيزة فقلع عمدها ونصب بدلها أركانا، وحمل العمد إلى الجامع؛ فترك أبو الحسن ابن الطّحاوي الصّلاة فيه مذ ذاك تورّعا.

قال اليمنيّ (٢): وقد كان ابن الطّحاوي يصلّي في جامع الفسطاط العتيق وبعض عمده، أو


(١) نقل ابن دقماق نص القضاعي في الانتصار ١٢٥: ٤ - ١٢٦.
(٢) لم أستطع تحديد اسم هذا المؤرخ وهو من مصادر القضاعي فقد نقل عنه في موضع آخر انظر فيما يلي ١٦١: ٢، وكذلك ابن دقماق: الانتصار ١١: ٤ س ٦.