قال جامعه: وفي التّوراة أنّ فرعون ألزم بني إسرائيل البناء وضرب اللّبن، فبنوا له عدّة مدن محصّنة منها فيثوم وعرمسيس، قال الشارح: هي الفيّوم وحوف رمسيس.
وفي (١) زمان الرّيّان بن الوليد دخل يعقوب ﵇ وولده مصر، وهم ثلاثة وسبعون نفسا ما بين رجل وامرأة، فأنزلهم يوسف ما بين عين شمس إلى الفرما، وهي أرض ريفية برية.
وكان يعقوب لمّا دنا من مصر، أرسل يهوذا إلى يوسف، فخرج إليه يوسف فلقيه فالتزمه وبكى. فلمّا دخل يعقوب على فرعون كلّمه - وكان يعقوب شيخا كبيرا حليما، حسن الوجه واللّحية، جهير الصّوت - فقال له فرعون: أيّها الشّيخ، كم أتى عليك؟ قال: عشرون ومائة.
وكان بمين (a) ساحر فرعون قد وصف صفة يعقوب ويوسف وموسى - صلوات اللّه عليهم - في كتبه، وأخبر أنّ خراب مصر وهلاك أهلها يكون على أيديهم، ووضع البربايات وصفات من تخرب مصر على يديه. فلمّا رأى يعقوب قام إلى مجلسه، فكان أوّل ما سأله عنه أن قال: من تعبد أيّها الشّيخ؟ قال له يعقوب: أعبد اللّه إله كلّ شيء؛ فقال: فكيف تعبد من لا ترى؟ قال يعقوب: إنّه أعظم وأجلّ من أن يراه أحد. قال: فنحن نرى آلهتنا؟ قال يعقوب: إنّ آلهتكم من عمل أيدي بني آدم من يموت ويبلى، وإنّ إلهي لأعظم وأرفع، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد.
فنظر بمين (a) إلى فرعون فقال: هذا الذي يكون هلاك بلادنا على يديه، قال فرعون: أفي أيّامنا أو في أيّام غيرنا؟ قال: ليس في أيّامك ولا أيّام بنيك؛ قال الملك: فهل تجد هذا فيما قضى به إلهكم؟ قال: نعم. قال: فكيف تقدر أن تقتل من يريد إلهه هلاك قومه على يديه فلا تعبأ بهذا الكلام؟
وعن كعب أنّ يعقوب عاش في أرض مصر ستّ عشرة سنة، فلمّا حضرته الوفاة قال ليوسف: لا تدفنّي بمصر، فإذا متّ فاحملوني فادفنوني في مغارة جبل حبرون - وحبرون (b) (٢) مسجد إبراهيم الخليل ﵇، وبينه وبين بيت المقدس ثمانية عشر ميلا.
(a) بولاق: بهمن. (b) بولاق: جيرون. (١) يستمر المقريزي ابتداء من هنا في النقل عن ابن عبد الحكم. (٢) عين حبرون وهي مدينة الخليل الحالية انظر ياقوت: معجم البلدان ٢١٢: ٢؛ Sharon، M.، El ٢? art.al-.Khali? l IV، pp. ٩٨٧ - ٩٤