«صاحب الخطّ الفائق والنّظم والنّثر، كان تامّ الشّكل حسن البزّة موصوفا بالشّجاعة متكلّما بعدّة ألسن يضرب المثل بحسن كتابته … وكان قد اتّصل بخدمة بيبرس الجاشنكير وأعجبه خطّه فكتب له «ختمة» في سبعة أجزاء بليقة ذهبيّة قلم الأشعار ثلث كبير قطع البغدادي، دخل فيها جملة من الذّهب أعطاه له الجاشنكير برسم اللّيقة لا غير ألفا وستّ مائة دينار أو ألفا وأربع مائة دينار، فدخل الختمة ستّ مائة دينار وأخذ الباقي؛ فقيل له في ذلك، فقال: متى يعود آخر مثل هذا يكتب مثل هذه «الختمة»؟ وزمّكها صندل المذهّب رأيتها في جامع الحاكم وفي ديوان الإنشاء بقلعة الجبل غير مرّة. وهي وقف بجامع الحاكم، وما أعتقد أنّ أحدا يكتب مثلها ولا مثل تزميكها فإنّهما كانا فردي زمانهما، وأخذ من الجاشنكير عليها جملة من الأجرة. وكتب الأقلام السّبعة طبقة، وأمّا فصاح النّسخ والمحقّق والرّيحان، فما كتبه أحد أحسن منه» (١).
ويوجد في نهاية كلّ سبع منه حرد متن Colophon يوضّح من أمر بكتابته واسم كاتبه، تختلف صيغته اختلافا يسيرا بين سبع وآخر، نصّه:
«أمر بكتابة هذا السّبع الشّريف وإخوته المقرّ الكريم العالي المولوي المخدومي الرّكني - أعزّ اللّه نصره - أستاذ الدّار العالية. وكتب محمد ابن الوحيد، حامدا للّه ومصلّيا على نبيّه محمّد وآله وصحبه ومسلّما، وفرغ منها بأسرها في سنة خمس وسبع مائة».
كما ورد كذلك اسم المزمّك - الذي ذكره الصّفدي - وهو أبو بكر محمد بن مدبّر الشّهير ب «صندل»، والذي شاركه في ذلك شخص آخر يدعى «أيدغدي بن عبد اللّه البدري»، حيث يوجد توقيعهما على أجزاء المصحف «الختمة» السّبعة، فقد جاء في نهاية السّبع الثّالث:«بتذهيب صندل»؛ وبنهاية السّبع السّابع:«زمّك هذا السّبع الشّريف وإخوته العبد الفقير إلى اللّه تعالى الرّاجي عفو اللّه ورحمته أيدغدي بن عبد اللّه البدري - عفا اللّه عنه - في سنة خمس وسبع مائة»(٢).