المملوكي الوحيد المقسّم بهذا الشّكل. وذكر ابن إياس سبب كتابته، يقول في حوادث سنة ٧٠٥ هـ/ ١٣٠٦ م:
«فيها ابتدأ الأتابكي بيبرس الجاشنكير بعمارة خانقاهه التي برحبة باب العيد قبالة الدّرب الأصفر؛ قيل: لمّا كملت عمارة هذه الخانقاه كتب الشّيخ شرف الدّين ابن الوحيد للأتابكي بيبرس «ختمة» في سبعة أجزاء في ورق قطع البغدادي بقلم الشعر، قيل: إنّ الأتابكي بيبرس أصرف على ليقة هذه الأجزاء ألفا وسبع مائة دينار حتى كتبت بالذّهب، ووضعها في الخانقاه فهي من محاسن الزّمان» (١).
ولا جدال في أنّ ما ذكره ابن إياس هو وصف للمصحف المحفوظ الآن في المكتبة البريطانية بلندن برقم Add ٢٢٤٠٦ - ١٣، فكلّ هذه الأوصاف تنطبق عليه. وإشارة ابن إياس ليست الإشارة الوحيدة في المصادر إلى هذا المصحف، فقد سبق أن ذكره - قبل ابن إياس - كلّ من الصّفدي والمقريزي وابن حجر العسقلاني، ولكنّ روايتهم تعارض رواية ابن إياس في أنّ المصحف لم يكن في وقتهم في الخانكاه التي شيّدها بيبرس الجاشنكير وإنّما في جامع الحاكم، يقول ابن حجر في ترجمة بيبرس:
«وهو الذي جدّد الجامع [أي جامع الحاكم عند باب الفتوح] بعد الزّلزلة ووقف له وقفا مختصّا، وعمّر له خزانة كتب فيها أشياء نفيسة من جملتها «المصحف» الذي كتبه ابن الوحيد بماء الذّهب بخطّه المنسوب في سبعة أجزاء» (٢).
وكاتب هذا المصحف الرّائع هو شرف الدّين أبو عبد اللّه محمد بن شريف بن يوسف الذّرعي الدّمشقي المعروف بابن الوحيد الكاتب، المتوفى سنة ٧١١ هـ/ ١٣١١ م، أحد تلاميذ قبلة الخطّاطين ياقوت بن عبد اللّه الرّومي المستعصمي، حيث تتلمذ عليه في بغداد وصار بعد عودته إلى مصر «شيخ التّجويد بها ويضرب بجودة خطّه المثل» كما يقول المقريزي (٣). أمّا خليل بن أيبك الصّفدي فقال عنه:
(١) ابن إياس: بدائع الزهور ٤١٨: ١/ ١ - ٤١٩. (٢) ابن حجر: الدرر الكامنة ٤٠: ٢. (٣) المقريزي: المقفى الكبير ٧٢٠: ٥ - ٧٢١.