للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال ابن سعيد وقد ذكر القاهرة: وأعجبني في ظاهرها بركة الفيل، لأنّها/ دائرة كالبدر والمناظر فوقها كالنّجوم، وعادة السّلطان أن يركب فيها باللّيل، وتسرج أصحاب المناظر على قدر هممهم وقدرتهم، فيكون بذلك لها منظر عجيب، وفيها أقول:

[البسيط]

انظر إلى بركة الفيل التي اكتنفت … بها المناظر كالأهداب للبصر

كأنّما هي والأبصار ترمقها … كواكب قد أداروها على القمر

ونظرت إليها، وقد قابلتها الشّمس بالغدوّ، فقلت:

[البسيط]

انظر إلى بركة الفيل التي نحرت … لها الغزالة نحرا من مطالعها

وخلّ طرفك محفوفا ببهجتها … تهيم وجدا وحبّا في بدائعها (١)

وماء النّيل يدخل إلى بركة الفيل من الموضع الذي يعرف اليوم بالجسر الأعظم تجاه الكبش.

وبلغني أنّه كان هناك قنطرة كبيرة فهدمت وعمل مكانها هذه المجاديل الحجر التي يمرّ عليها النّاس.


= على أرض زراعية يغمرها ماء النيل سنويّا وقت الفيضان عن طريق الخليج المصري، وبعد نزول الماء تزرع أصنافا شتوية، أشهرها البرسيم الذي كان يستهلك في تغذية دواب القاهرة. وكانت البركة معتبرة في دفاتر المساحة من النّواحي المربوط على أراضيها الخراج ولم يحذف اسمها من جداول أسماء النّواحي إلاّ بعد تحوّل معظم أراضيها إلى مساكن. وبدأت أراضيها في التّحوّل من الزراعة إلى السكن منذ سنة ٦٢٠ هـ/ ١٢٢٢ م، ولم يبق من أرض البركة بغير بناء إلى سنة ١٢١٤ هـ/ ١٧٩٨ م - التي رسمت فيها لأوّل مرّة بركة الفيل على خريطة مساحية - هي خريطة القاهرة التي رسمها علماء الحملة الفرنسية في هذه السنة (انظر الصورة)، إلاّ قطعة أقيم عليها فيما بعد سراي عباس باشا الأوّل والي مصر المعروفة بالسراية الإلهامية (التي تحرّفت إلى الحلمية) وحديقتها الكبيرة. وفي سنة ١٨٩٤ قسمت أراضي الحديقة، ثم هدمت السراي سنة ١٩٠٢ وقسمت أراضيها أيضا، وبيعت جميع القطع وأقيمت عليها عمارات حديثة وعرف الحيّ باسم «الحلمية الجديدة».
وكانت البركة تشغل المنطقة التي تحدّ الآن من الشمال بسكّة الحبّانية ومن الغرب شارع بورسعيد (شارع درب الجماميز وشارع اللبودية وشارع الخليج المصري سابقا)، ومن الجنوب شارع عبد المجيد اللّبّان (مراسينا سابقا)، ثم يميل الحدّ إلى الشمال الشرقي إلى مدرسة أزبك اليوسفي حتى يتقابل مع أوّل شارع نور الظّلام ويسير فيه إلى أوّل شارع الألفي، ومن الشرق كمالة شارع نور الظّلام فشارع مصطفى سرّي (مهذّب الدّين الحكيم سابقا)، فسكة عبد الرحمن بك وما في امتدادها حتى تقابل الحد البحري. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٦٥: ٧ - ٣٦٦ هـ ٣؛ Salmon، G.، Etudes sur la topographie du Caire، pp. ٤٨ - ٥٠؛ محمد رمزي: القاموس الجغرافي ق ١، ص ١٥٢ - ١٥٣؛ محمد الششتاوي: متنزهات القاهرة ١٠٥ - ١٣٥).
(١) ابن سعيد: النجوم الزاهرة ٢٦ - ٢٧؛ ابن دقماق: الانتصار ٤٥: ٥.