للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخرج المستنصر من خزائن السّروج خمسة آلاف سرج كان أبو سعد إبراهيم بن سهل التّستري دخرها له فيها وتقدّم بحفظها، كلّ سرج منها يساوي من سبعة آلاف دينار إلى ألف وأكثرها غال. سبك جميعها وفرّق في الأتراك. كان برسم ركابه منها أربعة آلاف سرج. وأخذ من خزائن السّيّدة والدته أربعة آلاف سرج مثلها ودونها، صنع بها مثل ذلك (١).

وقال ابن الطّوير: خزانة السّروج تحتوي من الملك (a) على ما لا تحتوي عليه مملكة من الممالك، وهي قاعة كبيرة [بالقصر] (b) بدورها مسطبة علوّها ذراعان، ومجالسها كذلك. وعلى تلك المسطبة متّكآت مخلّصة الجانبين، على كلّ متّكأ ثلاثة سروج متطابقة، وفوقه في الحائط وتد مدهون مضروب في الحائط قبل تبييضه، وهو بارز بروزا بمتّكأ عليه المركبات الحليّ على لجم تلك السّروج الثلاثة من الذّهب خاصّة أو الفضّة خاصّة أو الذّهب والفضّة، وقلائدها وأطواقها لأعناق الخيل، وهي لخاصّ الخليفة وأرباب الرّتب ما يزيد على ألف سرج. ومنها لجام هو الخاصّ، ومنها الوسط، ومنها الدّون، وهي خيار غيرها برسم العواري لأرباب الرّتب والخدم، ومنها ما هو قريب من الخاصّ، فيكون عند المستخدم بشدّاده الدائم، وجاريه على الخليفة ما دام مستخدما، والعلف مطلق من الأهراء. أمّا الصّاغة فإنّ فيها منهم ومن المركّبين والخرّازين عددا جمّا دائمين لا يفترون عن العمل. وكلّ مجلس مضبوط بعدد متّكآته وما عليها من السّروج والأوتاد واللّجم.

وكلّ مجلس لذلك عند مستخدميه في العرض، فلا يختلّ عليهم منها شيء. وكذلك وسط قاعتها بعدّة متوالية أيضا. والشّدّادون مطلوبون بالنّقائص منها أيّام المواسم، وهم يحضرونها أو قيمتها، فتعوّض وتركّب (c). ويحضر إليها الخليفة ويطوفها من غير جلوس، ويعطي حاميها للتفرقة في المستخدمين عشرين دينارا. ويقال: إنّ الحافظ لدين اللّه عرضت له فيها حاجة، فجاء إليها مع الحامي، فوجد الشّاهد غير حاضر وختمه عليها، فرجع إلى مكانه وقال: لا يفكّ ختم العدل إلاّ هو، ونحن ونعود في وقت حضوره (٢). انتهى.


(a) زيادة من مسودة المواعظ.
(b) زيادة من صبح الأعشى.
(c) بولاق: فيعرض ويركب.
(١) الرشيد بن الزبير: الذخائر والتحف ٢٥٧؛ المقريزي: اتعاظ الحنفا ٢٨٤: ٢.
(٢) ابن الطوير: نزهة المقلتين ١٣١ - ١٣٢؛ المقريزي: مسودة المواعظ والاعتبار ١٥٣ - ١٥٤؛ وقارن القلقشندي: صبح الأعشى ٤٧٣: ٣ وزكي محمد حسن: كنوز الفاطميين ٥٩ - ٦١.