وسار المتّقي للّه إلى بلاد الشّام ومعه بنو حمدان، فسار الإخشيد لثمان خلون من رجب سنة اثنتين وثلاثين، واستخلف أخاه الحسن، فلقي المتّقي، ثم رجع فنزل البستان لأربع خلون من جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين. وخلع المتّقي، وبويع عبد اللّه المستكفي لسبع خلون من جمادى الآخرة، فأقرّ الإخشيد (١).
وبعث الإخشيد بحانك وكافور في الجيوش إلى الشّام، ثم خرج لخمس خلون من شعبان سنة ستّ وثلاثين، واستخلف أخاه الحسن. فلقي عليّ بن عبد اللّه بن حمدان بأرض قنّسرين وحاربه، ومضى فأخذ منه حلب.
وخلع المستكفي، ودعي للمطيع للّه الفضل بن جعفر في شوّال سنة أربع وثلاثين، فأقرّ الإخشيد إلى أن مات بدمشق يوم الجمعة لثمان بقين من ذي الحجّة (٢).
فولي بعده ابنه أونوجور أبو القاسم باستخلافه إيّاه، وقبض على أبي بكر محمد بن عليّ بن مقاتل في ثالث المحرّم سنة خمس وثلاثين، وجعل مكانه على الخراج محمد بن علي الماذرائي، وقدم العسكر من الشّام أوّل صفر.
فلم يزل أونوجور واليا إلى أن مات لسبع خلون من ذي القعدة سنة تسع وأربعين وثلاث مائة، وحمل إلى القدس فدفن عند أبيه. وكان كافور متحكّما في أيّامه، ويطلق له في السنة أربع مائة ألف دينار، فلمّا مات قوي كافور، وكانت ولايته أربع عشرة سنة وعشرة أشهر.
فأقام كافور أخاه عليّ بن الإخشيد أبا الحسن لثلاث عشرة خلت من ذي القعدة، فأقرّه المطيع للّه على الحرب والخراج بمصر والشّام والحرمين، وصار خليفته على ذلك كافور غلام أبيه، وأطلق له ما كان يطلق لأخيه في كلّ سنة.
وفي سنة إحدى وخمسين ترفّع السّعر، واضطربت الإسكندرية والبحيرة بسبب المغاربة الواردين إليها، وتزايد الغلاء، وعزّ وجود القمح. وقدم القرمطيّ إلى الشّام في سنة ثلاث وخمسين، وقلّ ماء النّيل، ونهبت ضياع مصر، وتزايد الغلاء. وسار/ ملك النّوبة إلى أسوان، ووصل إلى إخميم، فقتل ونهب وأحرق، واشتدّ اضطراب الأعمال.
(١) الكندي: ولاة مصر ٣٠٩. (٢) نفسه ٣١٠، وجاء هنا على هامش نسخة ولاة مصر: «إلى هنا انتهى ما كتبه أبو عمر وأخر سته المنيّة قبل إكماله. قال ذلك ابن زولاق في أوّل كتابه «أخبار قضاة مصر». وما بعد ذلك ليس من كلام أبي عمر»! ويختلف النص بعد ذلك بين المقريزي وما ورد في بقية كتاب أبي عمر الكندي، واعتمد المقريزي على ما أورده ابن زولاق من أخبار الإخشيديين.