للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ورد الكتاب من بغداد بالزّيادة في اسم الأمير محمد بن طغج، فلقّب «الإخشيد» (١) ودعي له بذلك على المنبر في رمضان سنة سبع وعشرين (٢).

وسار محمد بن رائق إلى الشّامات فعرض الإخشيد الفروض وبعث بمراكب إلى الشّام، ثم سار في المحرّم سنة ثمان وعشرين، واستخلف أخاه الحسن بن طغج، فنزل الفرما وابن رائق بالرّملة، فسفّر بينهما الحسن بن طاهر بن يحيى العلوي في الصّلح حتى تمّ، وعاد إلى الفسطاط مستهلّ جمادى الأولى. ثم أقبل ابن رائق من دمشق في شعبان، فسيّر إليه الإخشيد الجيوش، ثم خرج لستّ عشرة خلت من شعبان والتقيا للنصف من رمضان بالعريش، فكانت بينهما وقعة عظيمة انكسرت فيها ميسرة الإخشيد، ثم حمل بنفسه فهزم أصحاب ابن رائق، وأسر كثيرا منهم، وأثخنهم قتلا وأسرا (٣).

ومضى ابن رائق فقتل الحسين بن طغج باللّجون، ودخل الإخشيد الرّملة بخمس مائة أسير، فتداعى ابن طغج وابن رائق إلى الصّلح، فمضى ابن رائق إلى دمشق على صلح، وقدم الإخشيد محمد بن طغج إلى مصر لثلاث خلون من المحرّم سنة تسع وعشرين (٤).

ومات الرّاضي باللّه، وبويع المتّقي للّه إبراهيم في شعبان، فأقرّ الإخشيد، وقتل محمد بن رائق بالموصل، قتله بنو حمدان في شعبان سنة ثلاثين وثلاث مائة، فبعث الإخشيد بجيوشه إلى الشّام، ثم سار لستّ خلون من شوّال، واستخلف أخاه أبا المظفّر الحسن بن طغج، ودخل دمشق (٥).

ثم عاد لثلاث عشرة خلت من جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين، فنزل البستان الذي يعرف اليوم بالكافوري من القاهرة، ثم دخل داره وأخذ البيعة لابنه أبي القاسم أونوجور على جميع القوّاد آخر ذي القعدة.


(١) الإخشيد. لقب - بمعنى ملك الملوك - كان يمنح لحكّام إيران من الصّغد والفرغانيين قبل الإسلام وفي بداية الإسلام. وفي الفترة التي فتح فيها العرب بلاد ما وراء النهر كان حكام الصّغد يحملون لقب «إخشيد»؛ فيذكر المقدسي أن ملك سمرقند كان يعرف بالإخشيد، كما أن الحكام المحليين في فرغانة كانوا أيضا يحملون هذا اللقب. وظلّ اللقب يحتفظ بسحره حتى منحه الخليفة العباسي الراضي لمحمد بن طغج سنة ٣٢٧ هـ/ ٩٣٩ م (انظر Bosworth، (C.E.، El ٢ art.Ikhshid III، p. ١٠٩٧.
(٢) الكندي: ولاة مصر ٣٠٦.
(٣) نفسه ٣٠٦، ٣٠٧ وأبو بكر محمد بن رائق المتوفى سنة ٣٣٠ هـ/ ٩٤١ م، هو أوّل من تلقب ب «أمير الأمراء» سنة ٣٢٤ هـ/ ٩٣٥ م، وتمكن من الخليفة الراضي باللّه وأصبح يعين الوزراء ويعزلهم وهو الذي قطع يد ابن مقلة ولسانه. (راجع أخباره عند، الصولي: أخبار الراضي باللّه والمتقي باللّه، القاهرة ١٩٣٥، ٢٣٠؛ ابن الأثير: الكامل في التاريخ ٣٢٢: ٨ - ٣٨٣؛ الذهبي: سير أعلام النبلاء ٣٢٥: ١٥ - ٣٢٦؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ٦٩: ٣؛ (Sourdel، D.، El ٢ art.Ibn R?ik III، p. ٩٢٦ - ٢٧.
(٤) نفسه ٣٠٨.
(٥) نفسه ٣٠٨، ٣٠٩.