للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنّما قيل لها «أرض الطّبّالة»، لأنّ الأمير أبا الحارث أرسلان البساسيري، لمّا غاضب الخليفة القائم بأمر اللّه العبّاسي، وخرج من بغداد يريد الانتماء إلى الدّولة الفاطميّة بالقاهرة، أمدّه الخليفة المستنصر باللّه ووزيره النّاصر لدين اللّه عبد الرحمن اليازوري، حتى استولى على بغداد، وأخذ قصر الخلافة، وأزال دولة بني العبّاس منها، وأقام الدّولة الفاطميّة هناك، وسيّر عمامة القائم وثيابه وشبّاكه الذي كان إذا جلس يستند إليه، وغير ذلك من الأموال والتّحف إلى القاهرة في سنة خمسين وأربع مائة (١).

فلمّا وصل ذلك إلى القاهرة، سرّ الخليفة المستنصر سرورا عظيما، وزيّنت القاهرة والقصور ومدينة مصر والجزيرة. فوقفت «نشب» (a) طبّالة المستنصر - وكانت امرأة مرجلة تقف تحت القصر في المواسم والأعياد، وتسير أمام (b) الموكب وحولها طائفتها وهى تضرب بالطّبل وتنشد - فأنشدت وهى واقفة تحت القصر:

[مجزوء الرمل]

يا بني العبّاس ردّوا … ملك الأمر معدّ

ملككم ملك معار … والعواري تستردّ

فأعجب المستنصر ذلك منها، وقال لها: تمنّي. فسألت أن تقطع الأرض المجاورة للمقس.

فأقطعها هذه الأرض، وقيل لها من حينئذ «أرض الطّبّالة» (٢). ولنشب هذه تربة (c) بالقرافة الكبرى تعرف بتربة نشب (a).

قال ابن عبد الظّاهر: أرض الطّبّالة منسوبة إلى امرأة مغنّيّة تعرف بنشب (a) - وقيل بطرب - مغنّية المستنصر، قال: فوهبها هذه الأرض المعروفة بأرض الطّبّالة، وحكرت وبنيت آدرّا وبيوتا، وكانت من ملح القاهرة وبهجتها (٣). انتهى.


(a) بولاق: نسب.
(b) بولاق: أيام.
(c) بولاق: وأنشأت هذه الطبالة تربة.
(١) راجع تفصيل ذلك عند، المؤيد في الدين: سيرة داعي الدعاة ١٧٨ - ١٨٠؛ ابن القلانسي: تاريخ مدينة دمشق ٨٧ - ٨٩؛ ابن ظافر: أخبار الدول المنقطعة ٦٧ - ٦٨؛ ابن الأثير: الكامل ٤٤٥: ٩ - ٤٤٩؛ ابن ميسر: أخبار مصر ١٨ - ١٩؛ ابن خلكان: وفيات الأعيان ١٩١: ١، وفيما تقدم ١٩٦: ٢.
(٢) ابن ميسر: أخبار مصر ١٩؛ المقريزي: اتعاظ الحنفا ٢٥٤: ٢، مسودة الخطط ١٤٨ و- ١٤٨ ظ.
(٣) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ١١٩ - ١٢٠.