للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرناه، عمد المذكورون وغيرهم إلى اقتطاع البركة من الخليج، وجعلوا بينها وبين الخليج جسرا، وصار الماء يصل إليها من التّرعة دون الخليج، وصارت مستنزها (a) للسّودان المذكورين في أيّام النّيل/ والرّبيع.

ولمّا كانت الأيّام الآمريّة أحبّ إعادة النّزهة، فتقدّم وزيره المأمون بن البطائحي بإحضار عرفاء السّودان المذكورين، وأنكر عليهم ذلك، فاعتذروا بكثرة الرّجال (b)، فأمر بنقل ذلك وأعطاهم إنعاما، فبنوا حارة بالقرب من دار كافور (١) التي أسكنت بها الطّائفة المأمونية، قبالة بستان الوزير، ومن المساجد الثّلاثة المعلّقة في شرقيها. ثم أحضر الأبقار من البساتين والعدد والآلات، ونقض الجسر الذي بين البركة والخليج، وعمّق البركة إلى أن صار الخليج مسلّطا عليها.

(c)) قال كاتبه: هذه البركة كان يقال لها بطن البقرة، ومكانها الآن موضعه يقال لبعضه كوم الجاكي وسوق الحمام بظاهر ميدان القمح (c)، وقد ذكر خبرها عند ذكر البرك من هذا الكتاب (٢).

(c)) وأخبرني وكيل أبي حسام الدّين حسن بن عمر الشّهرزوري أنّه يعرف بهذه البركة الماء قبل حفر الخليج النّاصريّ، ويعرف خليج الذّكر أيضا والماء يمرّ منه إلى هذه البركة.

وأخبرني شيخ معمّر يعرف بشمس الدّين السّعودي (٣)، كان يخرج مع أبيه وهو صغير إلى هذه البركة ويخبره أبوه عن عمارتها ويريه أثار زرابي البيوت التي كانت تطلّ عليها. قال كاتبه: وأنا أدركت قطعة من خليج الذّكر وفيها القصب الفارسي نابت وليس فيها ماء. وقد صار الآن الخليج والبركة كيمان تراب موحشة، وإذا تأمّلت البقاع وجدتها تشقى كما يشقى الرّجال وتسعد (c).

وقد صار هذا الميدان اليوم سوقا تباع فيه القشّة من النّحاس العتيق والحصر وغير ذلك، وفي بعضه سوق الغزل، وبه جامع يشرف على الخليج، وسكن هناك طائفة من المشارقة الحيّاك، وفيه سوق عامر بالمعايش (٤).


(a) بولاق: منتزها.
(b) بولاق: الرمال.
(c-c) إضافة من مسودة الخطط استعيض ببعضها عن جزء من نص المبيضة.
(١) حاشية بخطّ المؤلّف: «دار كافور كانت على بركة قارون التي هي اليوم بجوار الكبش عند الجسر الأعظم».
(٢) فيما يلي ٥٤١ - ٥٤٢.
(٣) فيما يلي ٤٧٧.
(٤) المقريزي: مسودة الخطط ١٥٠ و- ظ.