للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعرف هذا الباب في الدّولة الأيوبية بباب قصر ابن الشّيخ، وذلك أنّ الوزير الصّاحب معين الدّين حسن (a) بن شيخ الشّيوخ، وزير الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب، كان يسكن بالقصر الذي في داخل هذا الباب، ثم قيل له في زماننا باب القصر. وكان على حاله له عضادتان من حجارة، ويعلوه أسكفّة حجر مكتوب فيها نقرا في الحجر عدّة أسطر بالقلم الكوفي لم يتهيّأ لي قراءة ما فيها، وكان دهليز هذا الباب عريضا يتجاوز عرضه فيما أقدّر العشرة أذرع في طول كبير جدّا، ويعلو هذا الباب دور للسّكنى تشرف على الطريق.

وما زال على ذلك إلى أن أنشأ الأمير الوزير المشير جمال الدّين يوسف الأستادّار مدرسته برحبة باب العيد (١)، واغتصب لها أملاك النّاس، وكان ممّا اغتصب ما بجوار المدرسة المذكورة من الحوانيت والرّباع التي فوقها وما جاور ذلك، وهدمها ليبنيها على ما يريد. فهدم هذا الباب في صفر سنة إحدى عشرة وثمان مائة، وبنى في مكانه ومكان الدّهليز المظلم الذي كان ينتهي بالسّالك فيه من هذا الباب إلى المدرسة السّابقيّة، هذه القيسارية الكبيرة ذات الحوانيت والفسقيّة (b) والأبواب الجديدة، ودخل فيها بعض ممّا كان بجانبي هذا الباب من الحوانيت وعلوّها (٢).

ولمّا هدم هذا الباب ظهر في داخل بنيانه شخص؛ وبلغني ذلك فسرت إلى الأمير المذكور - وكان بيني وبينه صحبة - لأشاهد (c) الشّخص المذكور، والتمست منه إحضاره. فأخبرني أنّه أحضر إليه شخص من حجارة قصير القامة إحدى عينيه أصغر من أختها (d). فقلت: لا بد لي من مشاهدته؛ فأمر/ بإحضار الموكّل بعمارته (e) - وأنا معه إذ ذاك في موضع الباب، وقد هدم ما كان فيه من البناء - (f) وأمره بإحضار الشخص (f)، فذكر أنّه رماه بين أحجار العمارة، وأنّه تكسّر وصار فيما بينها، ولا يستطيع تمييزه منها، فأغلظ عليه وبالغ في الفحص عنه، فأعياهم إحضاره.


(a) بولاق: حسين.
(b) بولاق: السقيفة.
(c) بولاق: لأشاهد هذا.
(d) بولاق: الأخرى.
(e) بولاق: بالعمارة.
(f) (f-f) ساقطة من بولاق.
(١) فيما يلي ٤٠١: ٢.
(٢) فيما يلي ٤٠١: ٢ - ٤٠٣؛ ويشغل محل باب الريح الآن وكالة الكتخدا المعروفة كذلك باسم وكالة بازرعة (رقم ٢٥ شارع التّنبكشيّة، ومسجلة بالآثار برقم ٣٩٨، والمجاورة لمدرسة جمال الدّين الأستادّار، المسجلة بالآثار برقم ٣٥.
والمسافة بين باب البحر وباب الرّيح كانت نحو ١٨٤ مترا، بينما يبلغ طول الواجهة التي يفتح فيها باب الرّيح نحو ١٥٠ مترا وهي تمثل الجانب الشمالي للقصر الفاطمي الكبير وهي تقع الآن بين سبيل عبد الرحمن كتخدا غربا والمدرسة الجمالية شرقا (Fu'?d Sayyid، A.، op.cit.، pp. ٢٥٣ - ٥٥).