لا سيّما الصّعيد، ومبلغها ثلاثة دراهم وثلث، فيجتمع من ذلك شيء كثير يحمله إلى الخليفة من يده (a) بينه وبينه، وأمانته في ذلك مع اللّه تعالى، فيفرض له الخليفة منه ما يعينه لنفسه وللنّقباء.
وفي الإسماعيلية المموّلين من يحمل ثلاثة وثلاثين دينارا وثلثي دينار على حكم النّجوى، وصحبة ذلك رقعة مكتوبة باسمه، فيتميّز في المحوّل، فيخرج له عليها خطّ الخليفة:«بارك اللّه فيك وفي مالك وولدك ودينك»، فيذخر ذلك ويفاخر (b) به.
وكانت هذه الخدمة متعلّقة بقوم يقال لهم بنو عبد القوي، أبا عن جدّ، آخرهم الجليس.
وكان الأفضل ابن أمير الجيوش نفاهم إلى المغرب، فولد الجليس بالمغرب وربّي به وكان يميل إلى مذهب أهل السّنّة، وولي القضاء مع الدّعوة، وأدركه أسد الدّين شير كوه وأكرمه، وجعله واسطة عند الخليفة العاضد، وكان قد حجر على العاضد، ولولاه لم يبق في الخزائن شيء لكرمه، وكأنّه علم أنّه آخر الخلفاء (١).
قال المسبّحيّ: وكان الدّاعي يواصل الجلوس بالقصر لقراءة ما يقرأ على الأولياء والدّعاوى المتّصلة، فكان يفرد للأولياء مجلسا، وللخاصّة وشيوخ الدّولة ومن يختصّ بالقصور من الخدم وغيرهم مجلسا، ولعوامّ النّاس وللطارئين على البلد مجلسا، وللنّساء في جامع القاهرة المعروف بالجامع الأزهر مجلسا، وللحرم وخواصّ نساء القصور مجلسا.
وكان يعمل المجالس في داره، ثم ينفذها إلى من يختصّ بخدمة الدولة، ويتّخذ لهذه المجالس كتّابا (c) يبيّضونها بعد عرضها على الخليفة. وكان يقبض في كلّ مجلس من هذه المجالس ما يتحصّل من النّجوى من كلّ من يدفع شيئا من ذلك عينا وورقا من الرجال والنّساء، ويكتب أسماء من يدفع شيئا على ما يدفعه، وكذلك في عيد الفطر يكتب ما يدفع عن الفطرة، ويحصل
(a) بولاق: بيده. (b) بولاق: ويتفاخر. (c) بولاق: كتبا. ﵁ إن في كتاب اللّه لآية ما عمل بها أحد ولا يعمل بها أحد بعدي، آية النجوى ﴿يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ اَلرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً﴾ الآية. كان عندي دينار أرفقته بعشرة دراهم فناجيت النّبيّ ﷺ، فكنت كلما ناجيت النّبيّ ﵇ قدّمت بين يدي نجواي درهما، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد ونزلت ﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ﴾ الآية [الآية ١٣ سورة المجادلة]. قال: هذا حديث صحيح على شرط التخير. (١) ابن الطوير: نزهة المقلتين ١١٠ - ١١٢؛ المقريزي: مسودة المواعظ ٩١ - ٩٤.