وانتهى إلى المنبر فعلا وكبّر/ اللّه، وهلّله على ما أولاه، وذكر الثّواب على إخراج الفطرة وبشّر به، وأنّ المسارعة إليه من وسائل المحافظة على الخير وقربه، ووعظ وعظا ينتفع قابله في عاجلته ومنقلبه. ثم عاد إلى قصوره الزّاهرة، مشمولا بالوقاية، مكنوفا بالكفاية، منتهيا في إرشاد عبيده ورعاياه أقصى الغاية.
أعلمك أمير المؤمنين خبر هذا اليوم لتعلم منه ما تسكن إليه، وتعلن بتلاوته على الكافّة ليشتركوا في معرفته ويشكروا اللّه عليه فاعلم هذا، واعمل به إن شاء اللّه».
وكان من أهل برقة طائفة تعرف ب «صبيان الخفّ»، لها إقطاعات وجرايات وكسوات ورسوم. فإذا ركب الخليفة في العيدين مدّوا حبلين مسطوحين من أعلى باب النّصر إلى الأرض: حبلا عن يمين الباب، وحبلا عن شماله. فإذا عاد الخليفة من المصلّى، نزل على الحبلين طائفة من هؤلاء على أشكال خيل من خشب مدهون، وفي أيديهم رايات، وخلف كلّ واحد منهم رديف، وتحت رجليه آخر معلّق بيديه ورجليه. ويعملون أعمالا تذهل العقول.
ويركب منهم جماعة في الموكب على خيول، فيركضون وهم يتقلّبون عليها، ويخرج الواحد منهم من تحت إبط الفرس وهو يركض، ويعود يركب من الجانب الآخر، ويعود وهو على حاله لا يتوقّف، ولا يسقط منه شيء إلى الأرض، ومنهم من يقف على ظهر الحصان فيركض به وهو واقف (١).
(١) هذه إشارة نادرة إلى محترفي الألعاب البهلوانية في العصر الفاطمي، وإن لم يحدّد لنا المقريزي المصدر الذي نقل عنه هذه المعلومات، وانظر فيما تقدم ٤٨٨؛ وفيما يلي ٥٥٦ (البختيارية).