كتابة مرقومة بالحرير الأحمر واضحة منقوطة، أوّلها «البسملة» و «الفاتحة» و «سورة الجمعة»، وفي السّتر الأيسر مثل ذلك وسورة ﴿إِذا جاءَكَ اَلْمُنافِقُونَ﴾ [الآية ١ سورة المنافقون]. وقد أسبلا وفرشا في التّعليق بجانبي المحراب لاصقين بجسمه.
ثم يصعد قاضي القضاة المنبر وفي يده مدخنة لطيفة خيزران يحضرها إليه صاحب بيت المال فيها جمرات، ويجعل فيها ندّ مثلّث لا يشمّ مثله إلاّ هناك، فيبخّر الذّروة التي عليها الغشاء كالقبّة لجلوس الخليفة للخطابة، ويكرّر ذلك ثلاث دفعات؛ فيأتي الخليفة في هيئة موقّرة من الطّبل والبوق، وحوالي ركابه - خارج أصحاب الرّكاب - القرّاء، وهم قرّاء الحضرة، من الجانبين، يطرّبون بالقراءة نوبة بعد نوبة يستفتحونه (a) بذلك من ركوبه عن (b) الكرسي، على ما تقدّم طول طريقه إلى قاعة الخطابة من الجامع. ثم تحفظ المقصورة من خارجها بترتيب أصحاب الباب وإسفهسلار العساكر، من أوّلها (c) إلى آخرها صبيان الخاصّ وغيرهم ممّن يجري مجراهم، ومن داخلها من باب خروجه إلى المنبر واحد فواحد، فيجلس في القاعة، وإن احتاج إلى تجديد وضوء فعل، والوزير في مكان آخر.
فإذا أذّن بالجمعة دخل إليه قاضي القضاة فقال له: «السّلام على أمير المؤمنين الشّريف القاضي الخطيب (d) ورحمة اللّه وبركاته، الصّلاة يرحمك اللّه». فيخرج ماشيا وحواليه الأستاذون المحنّكون والوزير وراءه، ومن يليهم من الخواصّ، وبأيديهم الأسلحة من صبيان الخاصّ، وهم أمراء وعليهم هذا الاسم. فيصعد إلى (d) المنبر إلى أن يصل إلى الذّروة تحت تلك القبّة المبخّرة، فإذا استوى جالسا والوزير على باب المنبر ووجهه إليه فيشير إليه بالصّعود فيصعد إلى أن يصل إليه، فيقبّل يديه ورجليه بحيث يراه النّاس، ثم يزرّر عليه تلك القبّة لأنّها كالهودج، ثم ينزل مستقبلا فيقف ضابطا لباب المنبر، فإن لم يكن ثمّ وزير صاحب سيف، زرّر عليه قاضي القضاة كذلك، ووقف صاحب الباب ضابطا للمنبر، فيخطب خطبة قصيرة من مسطور يحضر إليه من ديوان الإنشاء، يقرأ فيها آية من القرآن المجيد (e)؛ ولقد سمعته مرّة في خطابته بالجامع الأزهر وقد قرأ في خطبته ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ اَلَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ﴾ الآية [الآية ١٥ سورة الأحقاف]. ثم يصلّي فيها (f) على أبيه وجدّه - يعني بهما محمّدا ﷺ وعليّ بن أبي طالب ﵁ ويعظ النّاس وعظا بليغا قليل اللّفظ.