وكم شجت قلبي بها غادة … قد كحّلت بالغنج أجفانها
إذا دعت صبّا إلى حبّها … لا يستطيع الصّبّ عصيانها
وكم ليال لي بها قد مضت … تسحب بالإعجاب أردانها
وا لهف نفسي كيف شطّت بها … حوادث قوّضن بنيانها
فارقتها لا عن قلّي صدّني … عنها فراق الرّوح جسمانها
واعتضّت عن غزلانها والمها … نعاج حبرون وثيرانها
يا سائلي عن حالتي بعدها … هأنذا أذكر عنوانها
ما حال من فارق أصحابه … وفارق الدّنيا وجيرانها
تقلب فوق الجمر أحشاؤه … تؤجّج الأشواق نيرانها
والعين لا تنفكّ من عبرة … ترسل فوق الخدّ طوفانها
يا سائق النّوق يبثّ الثّرى … كمثل بثّ السّحب تهتانها
حيّ ربا مصر وجناتها … وحورها العين وولدانها
ودورها الزّهر وساحاتها … وبين قصريها وميدانها
وأرضها المخضّب أرجاؤها … ونيلها الزّاهي وخلجانها
والرّوضة الفيحاء تلك التي … تجلو عن الأنفس أحزانها
ومنية السّيرج لا تنسها … وقرطها الأحوى وكتّانها
/ والتّاج والخمس وجوه التي … أضحت من الأعين إنسانها
وحيّ بأبرق وجد بالحيا … جزيرة الفيل وغيطانها
وبانها الغصن ونسرينها … ووردها البكر وريحانها
وظلّها الضّافي وأزهارها … وماءها الصّافي وغدرانها
والمعهد المأنوس من ربعها … وحيّ أهليها وسكانها
لم أنس لا أنسى اصطباحي بها … ولا اغتباقاتي وإبّانها
ولا أويقات التّصابي ولا … تلك الخلاعات وأزمانها
أيّام لا أنفكّ من صبوة … أهوى اللّذاذات وإعلانها
أخطر تيها في رياض الصّبا … مرنّح الأعطاف كسلانها
وخيل لهوي في ميادينها … تجرجر الصّبوة أرسانها
ودوحتي ناضرة غضّة … تعطف ريح اللّهو أغصانها
حاشاي أن أنقض عهدا لها … حاشاي أن أصبح خوّانها