للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زيادة كثيرة من ذلك، بحيث يصل إلى بعضهم المائة فرس في السنة (١).

وكان من شعار السّلطان (٢) أن يركب إلى الميدان وفي عنق الفرس رقبة حرير أطلس أصفر بزركش ذهب، فتستر من تحت أذني الفرس إلى حيث السّرج. ويكون قدّامه اثنان من الأوشاقيّة راكبين على حصانين أشهبين برقبتين نظير ما هو راكب به، كأنّهما معدّان لأن يركبهما. وعلى الأوشاقيّين المذكورين قباءان أصفران من حرير بطراز مزركش بالذّهب، وعلى رأسهما قبعان مزركشان. وغاشية السّرج محمولة أمام السّلطان، وهي أديم مزركش بذهب يحملها بعض الرّكاب داريّة قدّامه، وهو ماش في وسط الموكب. ويكون قدّامه فارس يشبّب بشبّابة لا يقصد بنغمها الإطراب، بل ما يقرع بالمهابة سامعه. ومن خلف السّلطان الجنائب، وعلى رأسه العصائب السّلطانية، وهي صفر مطرّزة بذهب بألقابه واسمه.

وهذا لا يختصّ بالرّكوب إلى الميدان، بل يعمل هذا الشّعار أيضا إذا ركب يوم العيد، أو دخل إلى القاهرة أو إلى مدينة من مدن الشّام. ويزداد هذا الشّعار في يوم العيدين ودخول المدينة، برفع المظلّة (٣) على رأسه - ويقال لها الجتر (a) - وهو أطلس أصفر مزركش من أعلاه قبّة وطائر من فضّة مذهّبة، يحملها يومئذ بعض أمراء المئين الأكابر وهو راكب فرسه إلى جانب السّلطان.

ويكون أرباب الوظائف والسّلاح دارية كلّهم خلف السّلطان، ويكون حوله وأمامه الطّبردارية - وهم طائفة من الأكراد ذوي الإقطاعات والإمرة - ويكونون مشاة وبأيديهم الأطبار (٤) المشهورة (٥).


(a) بولاق: الحبر.
(١) ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار ٣٠؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٥٤: ٤ وفيما يلي ٧٠١ - ٧٠٢.
(٢) شعار (شارات) السّلطان هي أمور تقتضيها الأبّهة والبذخ يختصّ بها السلطان ويتميّز بانتحالها عن الرعية والبطانة وسائر الرؤساء في دولته (ابن خلدون: المقدمة ٦٩٦). وعن رسوم الملك وآلاته في عهد المماليك. انظر القلقشندي: صبح ٦: ٣ - ٩.
(٣) المظلّة المعبّر عنها بالجتر - بجيم مكسورة قد تبدل سينا معجمة وتاء مثنّاة من فوق - قبّة من حرير أصفر مزركش بالذّهب، على أعلاها طائر من فضّة مطلية بالذهب، تحمل على رأس السّلطان في العيدين، وهي من بقايا الدّولة الفاطميّة. (القلقشندي: صبح الأعشى ٧: ٤ - ٨). وضبطها القلقشندي في موضع آخر: الجنز بنون بين الجيم والزاي. (صبح الأعشى ١٣٣: ٢).
(٤) الطّبر. فارسي بمعنى الفأس، ويبدو أن أصله من مدينة طبرستان فقد ذكر ياقوت أن طبرستان معناها ناحية الطّبر، لأنّ أهل هذه النّواحي كثيرة الحروب وكل أسلحتهم الأطبار. (معجم البلدان ١٣: ٤ - ١٤).
والطّبر المملوكية كانت ذات رأس شبه دائري تحلى بزخارف مفرغة أو مموّهة بالذهب أو بكليهما، ويغلب على الظّنّ أن تكون الزّخارف على هيئة جامات تحتوي على تروس محفورة. وكانت الطّبر (البلطة) تثبّت في قائم إمّا من المعدن أو من الخشب، ويحلّى المعدني منها غالبا بالزّخارف. (Mayer، L.Mamluk Costume p. ٤٧).
(٥) ابن فضل اللّه العمري: مسالك ٣٢ - ٣٣؛ القلقشندي: صبح ٤٦: ٤.