للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت عادة الخلفاء أن يقيموا بها أيام النّيل؛ ولمّا حصل التّوهّم من النّزاريّة والحشيشيّة قلّ (a) تصرفّهم - لا سيّما إليها (b) لصغر سنّ الخليفة وقلّة حواشيه - وأمر بسدّ باب مراد المذكور - الذي يتوصّل منه إلى الكافوري وإلى اللّؤلؤة - وأسكن في بعضها فرّاشون (c) لحفظها.

فإذا كان في صبيحة كسر الخليج، استؤذن الأفضل بن أمير الجيوش في فتح باب مراد، الذي يتوصّل منه إلى اللّؤلؤة وغيرها، فيفتح ويروح الخليفة ليتفرّج هو وأهله من النّساء، ثم يعود ويسدّ الباب، هذا إلى آخر أيام الأفضل. فلمّا روجع (d) الوزير المأمون في ذلك سارع/ إليه، فأصلحت وأزيل ما كان أنشئ قبالتها على ما سيذكر في مكانه إن شاء اللّه (١)، انتهى.

ومات بقصر اللّؤلؤة من خلفاء الفاطميين الآمر بأحكام اللّه، والحافظ لدين اللّه، والفائز؛ وحملوا إلى القصر الكبير الشّرقي من السّراديب (٢).

ولمّا قدم نجم الدّين أيّوب بن شاذي من الشّام على ولده صلاح الدّين يوسف، وخرج الخليفة العاضد لدين اللّه إلى لقائه بصحراء الهليلج بآخر الحسينيّة عند مسجد تبر و (e)، أكرم غاية الإكرام (e)، أنزل بمنظرة اللّؤلؤة، فسكنها حتى مات في سنة سبع وستين وخمس مائة. واتّفق أن حضر يوما عنده الفقيه نجم الدّين عمارة اليمنى، والرّضى أبو سالم يحيى الأحدب بن أبي حصينة (٣) الشّاعر في قصر اللّؤلؤة بعد موت الخليفة العاضد، فأنشد ابن أبي حصينة نجم الدّين أيّوب فقال (٤):

[البسيط]

يا مالك الأرض لا أرضى له طرفا … منها وما كان منها لم يكن طرفا

قد عجّل اللّه هذي الدّار تسكنها … وقد أعدّ لك الجنّات والغرفا

تشرّفت بك عمّن كان يسكنها … فالبس بها العزّ ولتلبس بك الشّرفا

كانوا بها صدفا والدّار لؤلؤة … وأنت لؤلؤة صارت لها صدفا


(a) بولاق: قبل.
(b) ساقطة من بولاق.
(c) النسخ: فراشين.
(d) بولاق: راجع.
(e) (e-e) زيادة من المسودة.
(١) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ١١٠ - ١١١، وانظر كذلك ١٢٣ - ١٢٤؛ المقريزي: مسودة المواعظ ٢٨٠ - ٢٨١، وقارن أبا المحاسن: النجوم ٢٥٤: ٤.
(٢) انظر ابن ميسر: أخبار ١١٠، وفيما تقدم ٤٩٦.
(٣) يحيى بن سالم بن أبي حصبينة الأحدب الشّاعر المتوفي سنة ٥٨٠ هـ/ ١١٨٤ م (العماد الكاتب: خريدة القصر (قسم مصر) ١٥٧: ٢؛ ابن شاكر: فوات الوفيات ٢٧٢: ٤ - ٢٧٥؛ ابن سعيد: النجوم الزاهرة ٣٣٩).
(٤) عمارة اليمني: النكت العصرية ٢٩٣؛ ابن واصل: مفرج الكروب ١٨٧: ١.