للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمّا ملك ديار مصر السّلطان الملك النّاصر محمد بن قلاوون، استجدّ «العمائم النّاصريّة» (a)، وهى صغار.

فلمّا قام الأمير يلبغا العمري الخاصّكي، عمل «الكلّوتات (b) اليلبغاوية»، وكانت كبارا.

واستجدّ الأمير سلار، في أيام الملك النّاصر محمد، «القباء الذي يعرف بالسّلاري»، وكان قبل ذلك يعرف ببغلوطاق (١).

فلمّا تملّك الملك الظّاهر برقوق، عمل هذه الكلّوتات (b) الجركسيّة، وهى أكبر من اليلبغاويّة وفيها عوج.

وأمّا الخلع فإنّ السّلطان كان إذا أمّر أحدا من الأتراك ألبسه «الشّربوش» (٢)، وهو شيء يشبه التّاج كأنّه شكل مثلّث: يجعل على الرأس بغير عمامة، ويلبس معه - على قدر رتبته - إمّا ثوب نخّ أو طرد وحش أو غيره. فعرف هذا السّوق بالشّرابشيّين نسبة إلى الشّرابيش المذكورة. وقد بطل الشّربوش في الدّولة الجركسيّة.

وكان بهذا السّوق عدّة تجّار لشراء التّشاريف والخلع، وبيعها على السّلطان في ديوان الخاصّ وعلى الأمراء، وينال النّاس من ذلك فوائد جليلة، ويقتنون بالمتجر في هذا الصّنف سعادات طائلة.

فلمّا كانت هذه الحوادث منع النّاس من بيع هذا الصّنف إلاّ للسّلّطان، وصار يجلس به قوم من عمّال ناطر الخاصّ لشراء سائر ما يحتاج إليه، ومن اشترى من ذلك شيئا سوى عمّال السّلطان فله من العقاب ما قدر عليه، والأمر على هذا إلى يومنا الذي نحن فيه (٣).


(a) بولاق: المصرية.
(b) آياصوفيا: الكلفتات.
(١) قارن مع ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار ٥٢؛ المقريزي: السلوك ٥٨٤: ١؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٣١: ٧؛ Mayer، L.، op.cit.، pp. ٢٣ - ٢٤.
(٢) حاشية بخط المؤلّف: «الشّربوس لفظ فارسي أصله شرفوش، ومعناه غطاء الرأس، فإنّ «شر» معناه الرأس و «فوش» غطاء، وهم أبدا يقدّمون المضاف إليه على المضاف».
أقول: وهو الذي أصبح يعرف بعد ذلك باسم «الطّربوش»، وألغي استخدامه منذ خمسينيات القرن العشرين.
(٣) هنا على هامش نسخة ص: «لمّا تعطّل البيع بسوق الشّرابشيين عوّض عنه بسوقي الفاضل والقبو».