فلمّا انفضّ المجلس طلبه السّلطان (a) وخلع عليه، فباشر نظر الإسطبل في سنة سبع وثلاثين وسبع مائة، ونال فيه سعادة طائلة، واستمرّ إلى أن مات السّلطان الملك النّاصر محمد، وحكم الأمير أيدغمش، فباشر استيفاء الصّحبة (١).
فلمّا قبض على جمال الكفاة ناظر الخاصّ وناظر الجيش (٢)، وعلى الموفّق ناظر الدّولة، وعلى الصّفيّ ناظر البيوت - المعروف بكاتب قوصون - في سنة خمس وأربعين وسبع مائة، ومات جمال الكفاة في العقوبة يوم الأحد سادس شهر ربيع الأوّل، عيّن ابن زنبور لوظيفة ناظر الخاصّ، ثم قرّر فيها القاضي موفّق الدّين هبة اللّه إبراهيم ناظر الدّولة.
وكان ابن زنبور وهو مستوفى الصّحبة، قد سيّره جمال الكفاة قبل القبض عليه لكشف القلاع الشّاميّة، ومعه جر كتمر (b) الصّاحب (٣) إبعادا له، وكان الأمير أرغون العلائي يعنى به. فلمّا قبض على جمال الكفاة، تحدّث له العلائي مع السّلطان الملك الصّالح إسماعيل بن محمد ابن قلاوون في نظر الخاصّ، فبعث في طلبه، ثم لم يحضر إلاّ بعد شهر، فتحدّث الوزير نجم الدّين محمود بن عليّ - المعروف بوزير بغداد (٤) - مع السّلطان في ولاية الموفّق نظر الخاصّ، فخلع عليه.
وحضر ابن زنبور من الشّام، فباشر نظر الدّولة علم الدّين بن سهلوك، وابن زنبور على ما هي عادته في استيفاء الصّحبة، ونهض في المباشرة، وحصّل الأموال، ودخل هو والوزير نجم الدّين، وشكيا توقّف الدّولة من كثرة الإنعامات والإطلاقات للخدّام (c) والجواري ومن يلوذ بهم. فتقرّر
(a) ساقطة من بولاق. (b) بولاق: جراكتمر. (c) بولاق: الخدم. وقبل استحداث وظيفتي: نيابة الوجه القبلي، ونيابة الوجه البحري في الدّولة الظاهرية برقوق، كان بهما كاشفان. (القلقشندي: صبح الأعشى ١٥: ٤، ٢٤ - ٢٥). (١) استيفاء الصّحبة. أرفع دواوين الأموال، تثبت فيه التّواقيع والمراسيم السّلطانية، وكلّ من دواوين الأموال هو فرع لهذا الدّيوان. ويتحدّث صاحب هذا الدّيوان في جميع المملكة مصرا وشاما ويكتب مراسيم يعلّم عليها السّلطان، تارة تكون بما يعمل في البلاد، وتارة بإطلاقات، وتارة باستخدامات كبار في صغار الأعمال. (القلقشندي: صبح الأعشى ٢٩: ٤). (٢) جمال الكفاة إبراهيم القاضي ناظر الخاصّ ثم الجيش ثم الشّدّ. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٢١١: ١٠). (٣) انظر المقريزي: السلوك ٦٧٠: ٢. (٤) نجم الدّين محمود بن علي بن شروين وزير بغداد. (فيما تقدم ١٦١).