وعن يزيد بن أبي حبيب، عن عوف بن حطّان، أنّه كان لقريات من مصر - منهن أمّ دنين وبلهيب - عهد، وأنّ عمر بن الخطّاب ﵁ لمّا سمع بذلك، كتب إلى عمرو يأمره أن يخيّرهم: فإن دخلوا في الإسلام فذاك، وإن كرهوا فارددهم إلى قراهم (١).
وقال يحيى بن أيّوب وخالد بن حميد: ففتح اللّه أرض مصر كلّها بصلح غير الإسكندرية، وثلاث قريات ظاهرت الرّوم على المسلمين - سلطيس، ومصيل، وبلهيب - فإنّه كان للرّوم جمع، فظاهروا الرّوم على المسلمين. فلمّا ظهر عليها المسلمون استحلّوها، وقالوا: هؤلاء لنا فيء مع الإسكندرية.
فكتب/ عمرو بن العاص بذلك إلى عمر بن الخطّاب ﵁، فكتب إليه عمر أن يجعل الإسكندرية وهؤلاء الثلاث قريات ذمّة للمسلمين، ويضربون عليهم الخراج، ويكون خراجهم وما صالح عليه القبط كلّه قوّة للمسلمين، لا يجعلون فيئا ولا عبيدا، ففعلوا ذلك إلى اليوم (٢).
وقال آخرون: بل فتحت مصر عنوة بلا عهد ولا عقد. قال سفيان بن وهب الخولاني: لمّا افتتحنا مصر بغير عهد ولا عقد، قام الزّبير بن العوّام فقال: اقسمها يا عمرو بن العاص؛ فقال عمرو: واللّه لا أقسمها؛ فقال الزّبير: واللّه لنقسمنّها كما قسم رسول اللّه ﷺ خيبر؛ فقال عمرو: واللّه لا أقسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين. فكتب إلى عمر، فكتب إليه عمر: أقرّها حتى يغزو منها حبل الحبلة. وصولح الزّبير على شئ أرضي به (٣).
وقال ابن لهيعة عن عبد اللّه بن هبيرة: إنّ مصر فتحت عنوة. وعن عبد الرّحمن بن زياد بن أنعم قال: سمعت أشياخنا يقولون إنّ مصر فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد، منهم أبي يحدّثنا عن أبيه، وكان فيمن شهد فتح مصر. وعن أبي الأسود، عن عروة، أنّ مصر فتحت عنوة (٤).
وعن عمرو بن العاص أنّه قال: لقد قعدت مقعدي هذا وما لأحد من قبط مصر عليّ عهد ولا عقد إلاّ أهل أنطابلس، كان لهم عهد يوفّى به: إن شئت قتلت، وإن شئت خمّست، وإن شئت بعت.
(١) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ٨٦. (٢) نفسه ٨٧ - ٨٨. (٣) نفسه ٨٨ وفيما تقدم ٤٥٠: ١، ٢٤: ٢ - ٢٥. (٤) نفسه ٨٨ - ٨٩.