فيئا للمسلمين، وقوّة لهم على جهاد عدوّهم. فأقرّها عمرو، وأحصى أهلها، وفرض عليهم الخراج.
فكانت مصر كلّها صلحا بفريضة دينارين دينارين، إلاّ أنّه يلزم بقدر ما يتوسّع فيه من الأرض والزّرع، إلاّ الإسكندرية، فإنّهم كانوا يؤدّون الخراج والجزية على قدر ما يرى من وليهم، لأنّ الإسكندرية فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد، ولم يكن لهم صلح ولا ذمّة (١).
وقال اللّيث عن يزيد بن أبي حبيب: مصر كلّها صلح، إلاّ الإسكندرية فإنّها فتحت عنوة.
وقال عبيد اللّه (a) بن أبي جعفر: حدّثني رجل ممّن أدرك عمرو بن العاص قال: للقبط عهد عند فلان، وعهد عند فلان، فسمّى ثلاثة نفر. وفي رواية: أنّ عهد أهل مصر كان عند كبرائهم.
وفي رواية: سألت شيخا من القدماء عن فتح مصر قلت له: فإنّ ناسا يذكرون أنّه لم يكن لهم عهد؛ فقال: ما يبالي ألاّ يصلّي من قال إنّه ليس لهم عهد؛ فقلت: فهل كان لهم كتاب؟ فقال: نعم، كتب ثلاثة: كتاب عند طلما صاحب إجنا (b)، وكتاب عند قزمان صاحب رشيد، وكتاب عند يحنّس صاحب البرلس. قلت: كيف كان صلحهم؟ قال: دينارين على كلّ إنسان جزية، وأرزاق المسلمين؛ قلت: فتعلم ما كان من الشّروط؟ قال: نعم، ستّة شروط: لا يخرجون من ديارهم، ولا تنزع نساؤهم، ولا كفورهم، ولا أراضيهم، ولا يزاد عليهم (٢).
وقال يزيد بن أبي حبيب، عن أبي جمعة مولى عقبة، قال: كتب عقبة بن عامر إلى معاوية ابن أبي سفيان ﵁ يسأله أرضا يسترفق بها عند قرية عقبة؛ فكتب له معاوية بألف ذراع في ألف ذراع؛ فقال له مولى له كان عنده: انظر - أصلحك اللّه - أرضا صالحة. فقال له عقبة: ليس لنا ذلك، إنّ في عهدهم شروطا ستة: لا يؤخذ من أنفسهم شيء، ولا من نسائهم، ولا من أولادهم، ولا يزاد عليهم، ويدفع عنهم موضع الخوف من عدوّهم، وأنا شاهد لهم بذلك.
(a) بولاق: عبد اللّه. (b) بولاق: إخنا. (١) انظر فيما تقدم ٤٥٠: ١؛ وقارن مع ابن عبد الحكم: فتوح مصر ٨٨ - ٩٠. (٢) أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٩: ١ - ٢٠.