Prototype لمّا ينبغي أن تكون عليه الصّورة التّامّة لهذا الاحتفال الموكبي، وهو يعود إلى العقود الثلاثة الأخيرة من عصر الدّولة الفاطمية.
وخصّص ابن الطّوير كذلك الفصل العاشر لذكر «هيئة الخلفاء في الجلوس العام بمجلس الملك»، والذي كان يتمّ، اعتبارا من عهد الخليفة الآمر بأحكام اللّه، في يومي الاثنين والخميس من كلّ أسبوع، وقدّم لنا في خلال ذلك وصفا دقيقا لترتيب قاعة الذّهب والإيوان الكبير والدّهاليز الطّوال التي تقود الدّاخل من أبواب القصر إلى مختلف قاعاته وإلى فنائه الدّاخلي، ممّا يعين على إعادة بناء الطّبوغرافيا الدّاخلية لجزء كبير وهام من القصر الفاطمي.
وكتب ابن الطّوير كتابه على الأرجح فى زمن السّلطان صلاح الدّين يوسف بن أيّوب، وقصد به عمل ما يشبه الموازنة بين نظام الدّولة الفاطمية - الذي خبره جيّدا - ونظام الدّولة الصّلاحيّة، وهو ما يفسّر عنوان الكتاب « … أخبار الدّولتين». ولكنّ المؤرّخين المتأخّرين الذين نقلوا عنه - وعلى الأخصّ القلقشندي وابن الفرات والمقريزي وأبو المحاسن - اقتصرت نقولهم عنه على وصفه لاحتفالات الدّولة الفاطمية، وهي الاحتفالات التي ميّزت هذه الدّولة، ممّا جعل المؤرّخ أبا المحاسن يوسف بن تغري بردي يصفه بأنّه «أجدر بأخبار الفاطميين»(١).
وقد تمكّنت كذلك من خلال النّقول المطوّلة التي حفظها على الأخصّ كلّ من ابن الفرات والمقريزي، مع الاستعانة بما نقله عنه ابن خلدون والقلقشندي وأبو المحاسن، من أن أعيد بناء قسم هام من كتاب ابن الطّوير، وصدر عن المعهد الألماني للأبحاث الشرقية في بيروت عام ١٩٩٢.
وفيما يخصّ حوادث النّصف الثّاني من القرن السّادس الهجري كان اعتماد المقريزي على «متجدّدات» القاضي الفاضل عبد الرّحيم بن عليّ بن الحسن البيساني رئيس ديوان الإنشاء في عهد صلاح الدّين ويده اليمنى، الذي اعتمد عليه في تنفيذ كلّ إصلاحاته الإدارية والمالية والحربية، المتوفى سنة ٥٩٦ هـ/ ١٢٠٠ م (٢). وكانت مع المقريزي - الذي أطلق على الكتاب أحيانا
(١) أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٤١: ٥. (٢) راجع أخباره في التّواريخ التي تناولت فترة حكم صلاح الدّين كالكامل لابن الأثير، والنوادر السلطانية لابن شداد والروضتين لأبي شامة ومفرج الكروب لابن واصل والبرق الشامي للعماد الكاتب، وانظر كذلك العماد الكاتب: خريدة القصر (قسم مصر) ٣٥: ١ - ٥٤؛ المنذري: التكملة لوفيات النقلة ٣٥١: ١ - ٣٥٢؛ ابن خلكان: وفيات الأعيان ١٥٨: ٣ - ١٦٣؛ الذهبي: سير أعلام النبلاء