للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلاط الخليفة والاطّلاع على الوثائق الرّسميّة، ممّا يضفي على تاريخه أهميّة كبيرة.

ورغم أنّ تاريخ ابن المأمون عرفه كلّ من ابن ميسّر وابن سعيد المغربي والنّويري، وربّما ابن ظافر الأزدي، فإنّ المقريزي هو أكثر من استفاد من المعلومات الهامّة التي يقدّمها لنا ابن المأمون، فهو أحد ثلاثة مؤرّخين استفاد منهم المقريزي في «الخطط» فيما يختصّ بالنّظم الفاطمية والمواسم التي كان يحتفل بها الفاطميون، هو وابن الطّوير وصاحب الذّخائر والتّحف. فعن طريقه استطاع المقريزي أن يصف لنا بانتظام تفاصيل الاحتفالات التي تمّت في عهد الخليفة الآمر بأحكام اللّه وعلى الأخصّ في الأعوام ٥١٦، ٥١٧، ٥١٨ هـ.

ونصّ ابن المأمون الذي حفظه لنا المقريزي - سواء في الخطط أو في اتّعاظ الحنفا - مليء بالتّفاصيل الغنيّة - والتي اضطرّ المقريزي في بعض الأحيان إلى الاعتذار عن تضمينها جميعا خشية الإطالة (فيما يلي ١٣: ٥٤٢) - وأيضا بأسماء الموظّفين الرّسميين ومراتبهم، والأسماء الاصطلاحية للملابس والخلع التي كانت توزّع في المواسم الكثيرة التي كان يحتفل بها الفاطميون.

وبلغت إشارات المقريزي في «الخطط» لتاريخ ابن المأمون ثلاثا وخمسين إشارة، وقد تمكّنت من خلال هذه النّقول المطوّلة - الموجودة أيضا عند المقريزي في «اتّعاظ الحنفا» و «المقفّى الكبير» - من أن أعيد بناء قسم من هذا الكتاب الهام صدر عن المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة سنة ١٩٨٣.

ولكنّ أهمّ مصدر اعتمد عليه المقريزي لوصف رسوم الفاطميين في مصر هو كتاب «نزهة المقلتين في أخبار الدّولتين الفاطميّة والصّلاحيّة» لأبي محمد المرتضى عبد السّلام بن الحسن القيسراني المصري المعروف بابن الطّوير، المتوفى سنة ٦١٧ هـ/ ١٢٢٠ م (١)؛ وهو أحد موظّفي الدّولة المنخرطين في الأعمال الدّيوانيّة زمن الفاطميين والأيّوبيين، وهو بذلك ينتمي إلى نفس طبقة المؤلّفين الذين أوكلت إليهم الحكومة في زمن الفاطميين والأيّوبيين وظائف الإشراف العليا على الدّواوين الإداريّة في مصر والتي ينتسب إليها: ابن الصّيرفي والقاضي المرتضى بن


(١) انظر ترجمته عند، المنذري: التكملة لوفيات النقلة ٧: ٣ - ٨؛ الذهبي: تاريخ الإسلام، الطبقة الثانية والستون، ص ٣١٦؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ٤١٧: ١٨ - ٤١٨؛ Cahen، Cl.، El ٢ art.Ibn al-Tuwayr III، p. ٤٨٥؛ مقدمة نزهة المقلتين ٩ *- ١١ *.