للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأجبروه على إخراج ذخائره وكنوزه وقوّموها على أنفسهم بأبخس الأثمان، سببا في تأليف كتاب هامّ يعرّف بهذه الذّخائر التي أخرجت من القصر الفاطمي عنوانه: «الذّخائر والتّحف وما كان بالقصر من ذلك»، قال المقريزيّ: «وهو جمع بعض المصريين مجهول المصنّف وفيه فوائد جمّة ومنه نقلت … » (١). وبفضل هذا الكتاب استطاع المقريزيّ أن يقدّم لنا وصفا تفصيليّا لما كانت تحتوي عليه خزائن القصر الفاطمي من ذخائر وتحف (فيما يلي ٣٢١، ٣٥٥، ٣٥٦، ٣٦٨، ٣٧٠ - ٣٧٣، ٣٧٧، ٣٧٨، ٣٨٠، ٣٨١، ٣٨٣ - ٣٨٦، ٣٩٦)، فقد كان مؤلّف هذا الكتاب - الذي لا نعرف عنه أي شيء - مقيما في مصر ومعاصرا لفترة الحرب الأهليّة التي أخرجت فيها ذخائر القصر، حيث نقل عنه المقريزي قوله: «وحدّثني من أثق به قال: كنت بالقاهرة يوما من شهور سنة تسع وخمسين وأربع مائة … » (٢)، وفي موضع آخر «وكنت بمصر في العشر الأول من محرّم سنة إحدى وستين وأربع مائة … » (٣). وإضافة إلى التّفاصيل الغنيّة التي نقلها منه المقريزي عند وصفه لخزائن القصر الفاطمي في كتاب «الخطط»، نجد أنّ حوادث سنة ٤٦١ هـ في كتاب «اتّعاظ الحنفا» للمقريزي منقولة كلّها من كتاب «الذّخائر والتّحف» وإن لم ينصّ صراحة على ذلك (٤)، وختم هذه النّقول بقوله: «قال ابن ميسّر: رأيت مجلّدة تجيء في نحو العشرين كرّاسة، فيها ذكر ما خرج من القصر من التّحف والآثاث والثّياب والذّهب وغير ذلك» (٥). وقد علّق عالم الفنون الإسلامية الرّاحل زكي محمد حسن (١٩٠٨ - ١٩٥٧ م) على هذا القول - كما ورد في كتاب ابن ميسّر - قائلا: «ولسنا ندري تماما هل كان هذا المجلّد سجلاّ لتحف القصر، أو كان بيانا بما نهب أو تفرّق من التّحف» (٦)؟

وعندي أنّ هذا المجلّد، الذي وقف عليه ابن ميسّر، هو الكتاب الذي سمّاه المقريزي في الخطط «الذّخائر والتّحف وما كان بالقصر من ذلك». ووصل إلينا كتاب يحمل نفس هذا العنوان محفوظ في مكتبة أفيون قره حصار في تركيا برقم ٧٠٢، وجاء في مقدّمة هذه النّسخة:

«بسم اللّه الرّحمن الرّحيم. ربّ يسّر وأعن يا كريم. هذا كتاب فيه ذكر الهدايا والتّحف العظيمة الأقدار والنّفقات في الولائم والدّعوات


(١) المقريزي: مسودة المواعظ والاعتبار ١٤١، وفيما يلي ٣٩٦.
(٢) فيما يلي ٣٢١.
(٣) فيما يلي ٣٥٦.
(٤) المقريزي: اتعاظ الحنفا ٢٧٨: ٢ - ٢٩٥؛ مقدمة أخبار مصر لابن ميسر ض - ظ.
(٥) نفسه ٢٩٦: ٢؛ ابن ميسر: أخبار مصر ٣٧.
(٦) زكي محمد حسن: كنوز الفاطميين ١٩.