للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والكتاب كذلك مصدر هام للتعرّف على رسوم الخلافة الفاطميّة ونظمها في مصر في بداية عصر الفاطميين، وممّا يزيد من قيمة هذه المعلومات أنّ المؤلّف نفسه. كان حاضرا ومشاركا في بعضها كأن يقول: «ودخلت فيمن دخل على رسمي وجلسنا بحضرته» أو «ودخلنا إليه من باب العيد … فسلّمنا وجلسنا ساعة وانصرفنا» أو «ومشينا بين يديه في ذهابه وعوده على رسومنا مع كافّة الشّيوخ» أو «ومشينا بين يديه إلى المصلّى قبل وصولنا إلى بابه» أو «ولم أحضر العيد في هذا اليوم لوجع نالني» (١).

ويبدو أنّ المسبّحي ذكر في الأجزاء الأولى - التي لم تصل إلينا - بتفصيل أكثر ما جاء موجزا في هذا الجزء المعروف من الكتاب. وإضافة إلى ذلك فالكتاب مصدر عظيم القيمة لدراسة الأدب المصري في النّصف الأوّل من القرن الخامس الهجري، حيث أورد نماذج متعدّدة من شعر الشّعراء المصريين في هذه الفترة (٢).

وترجع أغلب النّقول التاريخية عن هذا الكتاب عند المتأخّرين إلى الفترة الواقعة بين سنتي ٣٧٥ هـ/ ٩٨٥ م و ٤١٥ هـ/ ١٠٢٥ م، وأخبار قليلة تعود إلى تواريخ سابقة على ذلك.

واعتمد على تاريخ المسبّحي: ابن ظافر الأزدي وابن خلّكان وابن العديم وابن سعيد المغربي، كما توجد نقول منه عند تقيّ الدّين الفاسي في «شفاء الغرام» (٣). فقد نصّ ابن ظافر على النّقل عن المسبّحي في موضع واحد لتحديد تاريخ مولد الحاكم (٤)، ولكنّ هذا لا يمنع من أن يكون ابن ظافر قد استفاد من تاريخ المسبّحي في فترة خلافة العزيز باللّه، حيث تتّفق بعض أخباره مع ما جاء نقلا عن المسبّحي في مصادر متأخّرة. وكان مع ابن خلّكان مجلّد على الأقلّ من تاريخ المسبّحي، يقول في ترجمة الوزير يعقوب بن كلّس: «ورأيت في تاريخ … المسبّحي - المقدّم ذكره - فصلا طويلا يتعلّق بشرح حال الوزير المذكور، ومعظم ما ذكرته هاهنا نقلته منه» (٥).

ويذكر في موضع آخر كتابا هو في الغالب «تاريخ المسبّحي»، يقول: « … هكذا نقلته من بعض تواريخ المصريين وهو مرتّب على الأيّام، قد كتب مؤلّفه كلّ يوم وما جرى فيه من الحوادث،


(١) المسبحي: أخبار مصر ٣٦، ٣٩، ٦٢، ٦٦، ٦٧.
(٢) المسبحي: أخبار مصر (القسم الأدبي)، تحقيق حسين نصار، القاهرة - المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية ١٩٨٤.
(٣) الفاسي: شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، مكة المكرمة ١٩٩٩؛ ٣٧٤: ٢، ٣٧٥.
(٤) ابن ظافر: أخبار الدول المنقطعة ٦٠.
(٥) ابن خلكان: وفيات الأعيان ٣٠: ٧.