للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة ٤٢٠ هـ/ ١٠٢٩ م (١). وهي مذكّرات يوميّة للفترة التي عاصرها، وتمثّل قيمة كبيرة لأحداث النّصف الثاني من خلافة العزيز باللّه، وكلّ خلافة الحاكم بأمر اللّه، والخمس سنوات الأولى لخلافة الظّاهر لإعزاز دين اللّه. ونشأ الأمير المسبّحي على زيّ الأجناد وعمل في خدمة الفاطميين في مصر في عهد الحاكم بأمر اللّه أواخر المئة الرابعة، حيث تولّى القيس والبهنسا من أعمال صعيد مصر، ثم ديوان التّرتيب، كما كانت له مع الخليفة الحاكم «مجالس ومحاضرات».

وضع الأمير المختار عزّ الملك محمد بن عبيد اللّه المسبّحي عددا من المؤلّفات لم يصل إلينا منها غير قسم صغير من كتابه في التاريخ وعنوانه كاملا: «أخبار مصر وفضائلها وعجائبها وطوائفها وغرائبها وما بها من البقاع والآثار وسير من حلّها وحلّ غيرها من الولاة والقضاة والأئمّة والخلفاء» ويقع في نحو ثلاثة عشر ألف ورقة في رواية (٢) أو ثلاثة آلاف ورقة في رواية أخرى (٣). ولا نعرف من هذا الكتاب الهام إلاّ الجزء الأربعين منه في ٢٨٩ ورقة، وهو محفوظ الآن في مكتبة دير الإسكوريال بأسبانيا برقم ٢ ٥٣٤ csE. ويحتوي على بقيّة أخبار سنة ٤١٤ هـ ثم أخبار سنة ٤١٥ هـ، ويتخلّله سقط ضاعت معه حوادث الشهور من جمادى الأولى وحتى أثناء شهر رجب سنة ٤١٥ هـ. ويبدو أنّ طول الكتاب وصعوبة مراجعته لمن يطلب مادّة سريعة جعل من الصّعب الاحتفاظ بنسخة كاملة منه، وإن كان يظنّ أنّ قسما كبيرا من الكتاب كان بحوذة أشخاص مختلفين في عصر المقريزي.

ويمدّنا المسبّحي في تاريخه بمعلومات غنيّة ودقيقة عن طبقات الشّعب المختلفة وحرفهم وأعمالهم، حتى إنّ ابن حجر العسقلاني وصفه بأنّه «من أعرف النّاس بالمصريين لا سيّما من عاصره» (٤). وتناول المسبّحي في تاريخه الأزمات الاقتصادية التي تعرّض لها المصريون في وقته، والتي أرجعها لانخفاض منسوب النّيل ممّا أدّى إلى نقص الغلال وارتفاع أسعارها وتعذّر الحصول على الخبز، حتّى صاح النّاس في وجه الخليفة من شدّة الجوع (٥).


(١) راجع عنه، مقدمتي لنشرة أخبار مصر للمسبحي والمصادر المذكورة صفحة (م) وأضف إليها، المقريزي: المقفى الكبير ١٦٣: ٦ - ١٦٥؛ Bianquis، Th.، El ٢ art.
Musabbihi VII، pp. ٦٥٠ - ٥١.
(٢) ابن سعيد: المغرب في حلى المغرب (قسم مصر) ٢٦٧؛ ابن خلكان: وفيات الأعيان ٣٧٧: ٤ - ٣٧٨.
(٣) المقريزي: المقفى الكبير ١٦٣: ٦.
(٤) ابن حجر: رفع الإصر ٧١.
(٥) المسبحي: أخبار مصر ٧٣.