للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسئل الخليفة المأمون عن رشّ الماء في النّوروز، فقال: قول اللّه تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى اَلَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ اَلْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اَللّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ﴾، هؤلاء قوم أجدبوا - تقول مات فلان هزالا - فغيثوا في هذا اليوم برشّة من مطر فعاشوا، فأخصب بلدهم، فلمّا أحياهم اللّه بالغيث - والغيث يسمّى الحيا - جعلوا صبّ الماء في مثل هذا اليوم سنّة يتبرّكون بها إلى يومنا هذا (١).

وقد روي أنّ الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف، قوم من بني إسرائيل فرّوا من الطّاعون.

وقيل: أمروا بالجهاد، فخافوا الموت بالقتل في الجهاد، فخرجوا من ديارهم فرارا من ذلك فأماتهم اللّه ليعرّفهم أنّه لا ينجّيهم من الموت شيء، ثم أحياهم على يد حزقيل أحد أنبياء بني إسرائيل، في خبر طويل قد ذكره أهل التّفسير.

وقال عليّ بن حمزة الأصفهاني (٢) في كتاب «أعياد الفرس»: إنّ أوّل من اتّخذ النّيروز: النّيروز جمشيد - ويقال جمشاد - أحد ملوك الفرس الأول.

ومعنى النّوروز اليّوم الجديد. والنّوروز عند الفرس يكون يوم الاعتدال الرّبيعي، كما أنّ المهرجان أوّل الاعتدال الخريفي.

ويزعمون أنّ النّوروز أقدم من المهرجان، فيقولون: إنّ المهرجان كان في أيّام أفريدون، وإنّه أوّل من عمله لما قتل الضّحّاك - وهو بيوراسب - فجعل يوم قتله عيدا سمّاه المهرجان، وكان حدوثه بعد النّوروز بألفي سنة وعشرين سنة (٣).


(١) انظر رواية مخالفة للقلقشندي عن سبب رش الماء (صبح الأعشى ٤١٩: ٢).
(٢) أبو الحسن عليّ بن حمزة بن عمارة بن حمزة بن يسار ابن عثمان الأصفهاني من أولاد يسار أخي أبي مسلم الخراساني. أحد أدباء أصفهان المشهورين بالعلم والشعر، توفي سنة ٣٧٥ هـ/ ٩٨٥ م. من مصنفاته كتاب «الشّعر»، وكتاب «فقر البلغاء» يشتمل على الاختيار من شعر عامة الشعراء، وكتاب «قلائد الشّرف في مفاخر أصبهان وأخبارها». ولم يذكر له ياقوت أو الصفدي - اللذين ترجما له - كتاب «أعياد الفرس» الذي ينقل عنه هنا المقريزي. وفيما يلي ٤٩٤: ١. (معجم الأدباء ٢٠٤: ١٣؛ الوافي بالوفيات ٧٣: ٢١). بينما نسب ابن خلّكان للصاحب إسماعيل بن عبّاد وزير البويهيين المشهور كتابا في نفس الموضوع عنوانه «الأعياد وفضائل النيروز» (وفيات الأعيان ٢٣٠: ١).
(٣) بين النوروز والمهرجان مائة وتسعة وستون يوما، والمهرجان نسبة إلى أحد ملوك الفرس القدماء كان يسمى «مهر»، وكانوا يسمون الشهور بأسماء الملوك فقيل «مهرماه» ومعنى «ماه» هو الشهر. وطال عمر هذا الملك واشتدت شوكته فلما مات في النصف من هذا الشهر وهو «مهرماه» سمّي اليوم الذي مات فيه «مهرجان» وتفسيره: نفس مهر ذهبت. ويجعل أهل المروءات بالعراق وغيرها من مدن