قالوا له: ابعث إلى السّحرة؛ فقال فرعون لموسى: يا موسى، ﴿فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ﴾ [الآية ٥٨ سورة طه] فتجتمع أنت وهارون وتجتمع السّحرة؛ فقال موسى:
﴿مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ اَلزِّينَةِ﴾ [الآية ٥٩ سورة طه]. قال: ووافق ذلك يوم السّبت في أوّل يوم من السّنة وهو يوم النّيروز.
وفي رواية: أنّ السّحرة قالوا لفرعون: أيّها الملك واعد الرّجل، فقال: قد واعدته يوم الزّينة وهو عيدكم الأكبر، ووافق ذلك يوم السّبت، فخرج الناس لذلك اليوم.
قال: والنّوروز أوّل سنة الفرس، وهو الرّابع عشر من آذار وفي شهر برمهات.
ويقال: أوّل من أحدثه جمشيد من ملوك الفرس، وأنّه ملك الأقاليم السّبعة، فلمّا كمل ملكه ولم يبق له عدوّ، اتّخذ ذلك اليوم عيدا، وسمّاه نوروزا في اليوم الجديد (١).
وقيل إنّ سليمان بن داود ﵉ أوّل من وضعه، في اليوم الذي رجع إليه فيه خاتمه (٢).
وقيل: هو اليوم الذي شفي فيه أيّوب ﵇، وقال اللّه ﷾ له: ﴿اُرْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ﴾ [الآية ٤٢ سورة ص]، فجعل ذلك اليوم عيدا، وسنّوا فيه رشّ الماء.
ويقال: كان بالشّام سبط من بني إسرائيل أصابهم الطّاعون، فخرجوا إلى العراق، فبلغ ملك العجم خبرهم، فأمر أن تبنى عليهم حظيرة يجعلون فيها، فلمّا صاروا فيها ماتوا، وكانوا أربعة آلاف رجل. ثم إنّ اللّه تعالى أوحى إلى نبيّ ذلك الزّمان: أرأيت بلاد كذا وكذا، فحاربهم بسبط بني فلان؛ فقال: يا ربّ، كيف أحارب بهم وقد ماتوا؟ فأوحى اللّه إليه أنّي أحييهم لك.
فأمطرهم اللّه ليلة من اللّيالي في الحظيرة، فأصبحوا أحياء، فهم الذين قال اللّه فيهم: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى اَلَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ اَلْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اَللّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ﴾ [الآية ٢٤٣ سورة البقرة]. فرفع أمرهم إلى ملك فارس، فقال: تبرّكوا بهذا اليوم، وليصبّ بعضكم على بعض الماء، فكان ذلك اليوم يوم النّوروز، فصارت سنّة إلى اليوم.
(١) القلقشندي: صبح الأعشى ٤١٨: ٢؛ وفيما يلي ٤٩٤: ١. (٢) أورد المقريزي هذا الخبر فيما يلي ٤٩٤: ١ ونسبه إلى الحافظ ابن عساكر.