ضخمة من المخطوطات العربية من بينها مسوّدة كتابي «المواعظ والاعتبار» و «المقفّى الكبير» للمقريزي، تفرّقت الآن على العديد من المكتبات في استانبول وباريس والمدينة المنوّرة وسان بطرسبرج. وكان جاستون فييت قد قام بدراسة عن كتب العجائب في تقديمه لكتاب مرتضى الغافقي عن أخبار مصر القديمة، تناول فيها العلاقة بين «مختصر العجائب» لابن وصيف شاه وكتاب الغافقي (١). وفي حقيقة الأمر فإنّ «كتب العجائب» تمثّل في الأدب العربي قسما قائما بذاته؛ وبرغم طبيعتها التخيّلية فإنّها تستحق دراسة علمية، حيث أنّها تقع بين التخيّل والحقيقة وتنتمي في نفس الوقت إلى الأسطورة والتاريخ. ويشير أحد علماء المصريات بتقدير إلى ما يمكن أن تقدّمه المصادر العربية لدراسة علم المصرّيات، حيث أنّها تقدّم أهميّة خاصّة لأنّها في مظهر أقرب إلى «ألف ليلة وليلة» وفي وسط تفاصيل متخيّلة، يحفظ لنا بعضها معطيات بالغة القيمة عن محاولات كشفيّة أو كشوف حقيقيّة تمّت في هذا العصر.
وترى هذه المصادر في جميع الملوك القدماء سحرة أو منجّمين يدينون بنجاحهم في السّلم والحرب إلى علمهم، ومصدر هذه المعلومات، عند المؤلّفين العرب، روايات قبطية شاعت بين أفراد الشّعب في نهاية العصر الروماني، وقد تخفي هذه الرّوايات بعض التّقاليد التي لا تمثّل التاريخ الصّحيح وإنّما الطّريقة التي تصوّرها به المصريون (٢).
فالتاريخ الأسطوري لمصر القديمة، الذي تقدّمه المصادر العربية، لا يمكن مقابلته مع روايات هيرودوت أو قائمة مانيتون ولا بالطّبع مع ما يقدّمه علم المصريات الحديث، كما يختلف كثيرا مع ما نجده في الرّوايات المصرية القديمة.
ولكن هذه الأساطير القديمة يمكن أن تمثّل وضع الفولكلور في العالم الإسلامي في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي. وكتبت هذه الرّوايات نقلا عن مصادر محلّيّة وتذكر عادة بعض التفاصيل مثلما فعل ابن جبير وهو يصف بربا إخميم يقول:«وداخل هذا الهيكل العظيم وخارجه وأعلاه وأسفله تصاوير كلّها مختلفات الأشكال والصّفة، منها تصاوير هائلة المنظر خارجة عن صور الآدميين يستشعر النّاظر إليها رعبا ويمتلء منها عبرة وتعجّبّا. وما فيه مغرز إشفي ولا إبرة إلاّ وفيه صورة أو نقش أو خطّ بالمسند لا يفهم»(٣).
(١) Wiet، G.، L'Egypte de Murtadi fils du Gaphiphe، introdcution، traduction et notes، Paris ١٩٥٣. (٢) Ibid.، pp. ٨ - ٩. (٣) ابن جبير: الرحلة ٣٧.