للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصار النّوبة أهل مملكة هذا الملك نوعين: من وصفنا أحرار غير عبيد، والنّوع الآخر من أهل مملكته عبيد، وهم من سكن النّوبة في غير هذه البلاد المجاورة لأسوان، وهي بلاد مريس (١).

قال: وأمّا النّوبة فافترقت فرقتين: فرقة في شرق النّيل وغربه، فأناخت على شاطئه، واتّصلت ديارها بديار القبط من أرض صعيد مصر، واتّسعت مساكن النّوبة على شاطئ النّيل مصعدة، ولحقوا بقريب من أعاليه، وبنوا (a) دار مملكة، وهي مدينة عظيمة تدعى دنقلة. والفرقة الأخرى من النّوبة يقال لها علوة، وبنوا مدينة عظيمة سمّوها سوبة (b).

والبلد المتّصل مملكته بأرض أسوان يعرف بمريس، وإليه تضاف الرّيح المريسيّة، وعمل هذا الملك متّصل بأعمال مصر من أرض الصّعيد ومدينة أسوان (٢).

قال: وفي الجانب الشّرقي من صعيد مصر جبل رخام عظيم كانت الأوائل تقطع منه العمد وغيرها. فأمّا العمد والقواعد والرّؤوس التي يسمّيها أهل مصر «الأسوانيّة»، ومنها حجارة الطّواحين، فتلك نقرها الأوّلون قبل حدوث النّصرانيّة بمئين من السّنين، ومنها العمد التي بالإسكندرية (٣).

وفي ذي الحجّة سنة أربع وأربعين وثلاث مائة أغار ملك النّوبة على أسوان، وقتل جمعا من المسلمين، فخرج إليه محمد بن عبد اللّه الخازن على عسكر مصر من قبل أونوجور بن الإخشيد، في محرّم سنة خمس وأربعين، فساروا في البرّ والبحر، وبعثوا بعدّة من النّوبة أسروهم، فضربت أعناقهم بعد ما أوقع بملك النّوبة. وسار الخازن حتى فتح مدينة أبريم وسبى أهلها.

وقدم إلى مصر في نصف جمادى الأولى سنة خمس وأربعين بمائة وخمسين أسيرا وعدّة رؤوس (٤).

وقال القاضي الفاضل: إنّ متحصّل ثغر أسوان في سنة خمس وثمانين وخمس مائة بلغ خمسة وعشرين ألف دينار.


(a) نهاية السقط الذي بدأ في الصفحة السابقة.
(b) بولاق: سرقته.
(١) المسعودي: مروج الذهب ١٣١: ٢ - ١٣٢.
(٢) نفسه ١٢٦: ٢.
(٣) المسعودي: مروج الذهب ٧٨: ٢ وفيما تقدم ٤٣٢.
(٤) انظر المقريزي: المقفى الكبير ١٣٧: ٦ - ١٣٨.