للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الكمال جعفر الأدفوي: وكان بأسوان ثمانون رسولا من رسل الشّرع. وتحصّل من أسوان في سنة واحدة ثلاثون ألف أردبّ تمرا. وأخبرنا من وقف على مكتوب كان فيه أربعون شريفا خاصّة، وأن مكتوبا آخر رأى فيه ستين شريفا دون من عداهم؛ قال: ووقفت أنا على مكتوب فيه نحو من أربعين، مؤرّخ بما بعد العشرين وست مائة من الهجرة.

وكان بثغر أسوان بنو الكنز من ربيعة، أمراء ممدوحون مقصودون، صنع لهم الفاضل السّديد أبو الحسن بن عرّام سيرة ذكر فيها مناقبهم وأسماء من مدحهم ومن ورد عليهم.

ولمّا أرسل السّلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب جيشا إلى كنز الدّولة وأصحابه، ترحّلوا عن البلاد، فدخلوا بيوتهم فوجدوا بها قصائد من مدحهم، منها قصيدة أبي محمد الحسن بن الزّبير (١)، قال فيها:

[الطويل]

وينجده - إن خانه الدّهر أو سطا - … أناس إذا ما أنجد الذّلّ أتهموا

أجاروا فما تحت الكواكب خائف … وجادوا فما فوق البسيطة معدم

وأنّه أجازه عليها بألف دينار، ووقف عليه ساقية تساوي ألف دينار (٢).

وكان بأسوان رجال من العسكر مستعدون بالأسلحة لحفظ الثّغر من هجوم النّوبة والسّودان عليه؛ فلمّا زالت الدولة الفاطمية أهمل ذلك (٣)، فسار ملك النّوبة في عشرة آلاف، ونزل تجاه أسوان في جزيرة، وأسر من كان فيها من المسلمين.

ثم تلاشى بعد ذلك أمر الثّغر، واستولى عليه أولاد الكنز (٤) من بعد سنة تسعين وسبع مائة، فأفسدوا فسادا كبيرا، وكانت لهم مع ولاة أسوان عدّة حروب، إلى أن كانت المحن منذ سنة ستّ وثمان مائة، وخرب إقليم الصّعيد، فارتفعت يد السّلطنة عن ثغر أسوان، ولم يبق/ للسّلطان في مدينة أسوان وال، واتّضع حاله عدّة سنين.


(١) الحسن بن علي بن إبراهيم بن الزبير الأسواني المعروف بالمهذب بن الزبير المتوفى سنة ٥٦١ هـ/ ١١٦٦ م. (خريدة القصر ٢٠٤: ١؛ معجم الأدباء ٤٧: ٩). والبيت في الديوان …
(٢) الأدفوي: الطالع السعيد ٢٩ - ٣١.
(٣) أيمن فؤاد: الدولة الفاطمية في مصر ٧٢٣.
(٤) عن بني الكنز الذين أسّسوا في منتصف القرن الرابع الهجري إمارة جنوب مصر أولا في منطقة العلاّقي ثم انتقلت إلى أسوان إلى أن ضعفت دولتهم بعد تغلّب قبيلة هوّارة عليهم في مطلع القرن التاسع الهجري، انظر المقريزي: البيان والإعراب ٤٤ - ٤٦؛ عطية القوصي: تاريخ دولة الكنوز الإسلامية، القاهرة ١٩٧٦؛ Holt، P.M.، El ٢? art.
Banu? l Kanz IV، p. ٥٩٠