للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم جنس آخر يعرفون بالزّنافج، هم أكثر عددا من الحدارب، غير أنّهم تبع لهم، وخفراؤهم يحمونهم ويحبونهم المواشي. ولكلّ رئيس من الحدارب قوم من الزّنافج في حملته، فهم كالعبيد يتوارثونهم بعد أن كانت الزّنافج قديما أظهر عليهم (١).

ثم كثرت أذيّتهم على المسلمين، وكان ولاة أسوان من العراق، فرفع إلى أمير المؤمنين المأمون خبرهم، فأخرج إليهم عبد اللّه بن الجهم، فكانت له معهم وقائع، ثم وادعهم وكتب بينه وبين كنون، رئيسهم الكبير الذي يكون بقريتهم هجر المقدّم ذكرها (٢)، كتابا نسخته:

«هذا كتاب كتبه عبد اللّه بن الجهم مولى أمير المؤمنين، صاحب جيش الغزاة، عامل الأمير أبي إسحاق بن أمير المؤمنين الرّشيد أبقاه اللّه، في شهر ربيع الأوّل سنة ستّ عشرة ومائتين، لكنون بن عبد العزيز عظيم البجة بأسوان.

إنّك سألتني وطلبت إليّ أن أؤمّنك وأهل بلدك من البجة، وأعقد لك ولهم أمانا عليّ وعلى جميع المسلمين، فأجبتك إلى أن عقدت لك وعلى جميع المسلمين أمانا ما استقمت واستقاموا، على ما أعطيتني وشرطت لي في كتابي هذا.

وذلك أن يكون سهل بلدك وجبلها من منتهى حدّ أسوان من أرض مصر إلى حدّ ما بين دهلك وباضع ملكا للمأمون عبد اللّه بن هارون أمير المؤمنين أعزّه اللّه تعالى، وأنت وجميع أهل بلدك عبيد لأمير المؤمنين، إلاّ أنك تكون في بلدك ملكا على ما أنت عليه في البجة.

وعلى أن تؤدّي إليه الخراج في كلّ عام على ما كان عليه سلف البجة، وذلك مائة من الإبل، أو ثلاث مائة دينار وازنة داخلة في بيت المال، والخيار في ذلك لأمير المؤمنين ولولاته. وليس لك أن تخرم شيئا عليك من الخراج.

وعلى أنّ كلّ أحد منكم إن ذكر محمدا رسول اللّه صلى/ اللّه عليه وسلم أو كتاب الله أو دينه بما لا ينبغي أن يذكره به، أو قتل أحدا من المسلمين حرّا أو عبدا، فقد برئت منه الذّمّة: ذمّة اللّه، وذمّة رسوله ،


(١) فيما تقدم ٥٢١.
(٢) فيما تقدم ٥٢٨.