مسلم له جمال، فدعا بعضهم بعضا وقالوا: هذا اللّه قد نزل من السّماء، وهو جالس تحت الشجرة، فجعلوا ينظرون إليه من بعد.
وتعظم الحيّات ببلدهم وتكثر أصنافها، ورئيت حيّة في غدير ماء قد أخرجت ذنبها والتفّت على امرأة وردت فقتلتها، فرئي شحمها قد خرج من دبرها من شدّة الضّغطة.
وبها حيّة ليس لها رأس، وطرفاها سواء، منقّشة ليست بالكبيرة، إذا مشى الإنسان على أثرها مات، وإذا قتلت وأمسك القاتل ما قتلها به من عود أو حربة في يده ولم يلقه من ساعته مات.
وقتلت حيّة منها بخشبة، فانشقّت الخشبة. وإذا تأمّل هذه الحيّة أحد وهي ميّتة أو حيّة أصابه ضررها.
وفي البجة شرّ وتسرّع إليه، ولهم في الإسلام وقبله أذيّة على شرق صعيد مصر، خرّبوا هناك قرى عديدة. وكانت فراعنة مصر تغزوهم وتوادعهم أحيانا لحاجتهم إلى المعادن، وكذلك الرّوم لمّا أن ملكوا مصر. ولهم في المعادن آثار مشهورة، وكان أصحابهم بها وقد فتحت مصر.
قال عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن عبد الحكم: وتجمّع لعبد اللّه بن سعد بن أبي سرح في انصرافه من النّوبة على شاطئ النّيل البجة، فسأل عن شأنهم فأخبر أن ليس لهم ملك يرجعون إليه، فهان عليه أمرهم وتركهم، فلم يكن لهم عقد ولا صلح.
وكان أوّل من هادنهم عبيد اللّه بن الحبحاب السّلولي. ويذكر أنّه وجد في كتاب ابن الحبحاب: لهم ثلاث مائة بكر في كلّ عام حين ينزلون الرّيف مجتازين، تجّارا غير مقيمين، على ألاّ يقتلوا مسلما ولا ذمّيّا، فإن قتلوه فلا عهد لهم. ولا يؤووا عبيد المسلمين، وأن يردّوا آبقيهم إذا وقعوا إليهم. ويقال إنّهم كانوا يؤاخذون بهذا، وبكلّ شاة أخذها البجاوي فعليه أربعة دنانير، وللبقرة عشرة، وكان وكيلهم مقيما بالرّيف رهينة بيد المسلمين (١).
ثم كثر المسلمون فى المعدن فخالطوهم وتزوّجوا فيهم.
وأسلم كثير من الجنس المعروف بالحدارب إسلاما ضعيفا، وهم شوكة القوم ووجوههم، وهم ممّا يلي مصر من أوّل حدّهم إلى العلاّقي وعيذاب المعبر منه إلى جدّة وما وراء ذلك (٢).
(١) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ١٨٩. (٢) حول إسلام أهل النوبة انظر دراسة كيوك Cuoq، J.، Islamisation de la Nubie Chretienne VII-XVI ٠? siecles، Paris Geuthner ١٩٨٦