قال: وقد كان لملك من الملوك التي كانت داره (a) الفرما، مع أركون من أراكنة البلينا وما اتّصل بها من الأرض، حروب عملت فيها خنادق وخلجانات (b)، فتحت من النّيل إلى البحر، يمتنع بها كلّ واحد من الآخر. وكان ذلك داعيا لتشعّب الماء من النّيل، واستيلائه على هذه الأرض (١).
وقال في كتاب «أخبار الزّمان»: وكانت تنّيس عظيمة لها مائة باب (٢).
وقال ابن بطلان (٣): تنّيس بلد صغير، على جزيرة في وسط البحر، ميله إلى الجنوب عن وسط الإقليم الرابع خمس درج، وأرضه سبخة، وهواؤه مختلف، وشرب أهله من مياه مخزونة في صهاريج تملأ في كلّ سنة عند عذوبة مياه البحر بدخول ماء النّيل إليها، وجميع حاجاتها مجلوبة إليها في المراكب.
وأكثر أغذية أهلها السّمك والجبن وألبان البقر، فإنّ ضمان الجبن السّلطاني سبع مائة دينار حسابا عن كلّ ألف قالب دينار ونصف، وضمان السّمك عشرة آلاف دينار. وأخلاق أهلها سهلة منقادة، وطبائعهم مائلة إلى الرّطوبة والأنوثة.
قال أبو السّريّ الطّبيب: إنّه كان يولد بها في كلّ سنة مائتا مخنّث، وهم يحبّون النّظافة والدّماثة والغناء واللّذّة، وأكثرهم يبيتون سكارى، وهم قليلو الرّياضة لضيق البلد، وأبدانهم ممتلئة أخلاطا (c)، وحصل بها مرض، يقال له الفواق التّنّيسي، أقام بأهلها ثلاثين سنة.
= بعد واحد، الأصل: فيعبئونهم واحدا فوق واحد، والمثبت من مروج الذهب مصدر النقل. (a) بولاق: دارها. (b) بولاق: خلجان. (c) بولاق: الأخلاط. (١) المسعودي: مروج الذهب ٧٦: ٢. (٢) المسعودي: أخبار الزمان ٢٦. (٣) أبو الحسن المختار بن الحسن بن عبدون بن سعدون ابن بطلان، طبيب من أهل بغداد، التي غادرها سنة ٤٤٠ هـ/ ١٠٤٩ م، في رحلة زار فيها الرحبة والرصافة وحلب وأنطاكية ويافا، وانتهت به في القاهرة حيث دخل في مناظرة مع علي بن رضوان الطبيب رئيس أطباء مصر. ثم غادرها بعد أربع سنوات إلى القسطنطينية ومنها إلى حلب وأنطاكية حيث ترهّب بها وتوفي سنة ٤٥٨ هـ/ ١٠٦٦ م. واشتهر بكتابه «دعوة الأطباء» وكتابه «تقويم الصحة» ورسائله التي نشرها شاخت ومايرهوف (القفطي: تاريخ الحكماء ٢٩٤ - ٣١٥؛ ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء ٢٤١: ١ - ٢٤٣؛ Schacht، J.،. (El ٢? art.Ibn Butla? n III، pp. ٧٦٣ - ٦٤