للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وملك فليمون تسعين سنة، وعمل لنفسه ناووسا في الجبل الشرقي، وحوّل إليه الأموال والجواهر وسائر الذّخائر، وجعل من داخله تماثيل تدور بلوالب (a) في أيديها سيوف، من دخل قطعته. وجعل عن يمينه ويساره أسدين من نحاس مذهّب بلوالب (a)، من أتاه حطّماه، وزبر عليه: هذا قبر فليمون بن أتريب بن قبطيم بن مصريم (b)، عمّر/ دهرا، وأتاه الموت فما استطاع له دفعا، فمن وصل إليه فلا يسلبه ما عليه، وليأخذ ممّا (c) بين يديه (١).

ويقال إنّ تنيس أخ لدمياط (٢).

وقال المسعوديّ في كتاب «مروج الذّهب»: وبحيرة (d) تنّيس كانت أرضا لم يكن بمصر مثلها استواء وطيب تربة [وثراء] (e)، وكانت جنانا ونخلا وكرما وشجرا ومزارع، وكانت فيها مجار (f) على ارتفاع من الأرض. ولم ير الناس بلدا أحسن من هذه الأرض، ولا أحسن اتّصالا من جنانها وكرومها، ولم يكن بمصر كورة يقال إنّها تشبهها إلاّ الفيّوم. وكان الماء منحدرا إليها، لا ينقطع عنها صيفا ولا شتاء، يسقون جنانهم (g) إذا شاءوا، وكذلك زروعهم، وسائره يصبّ إلى البحر من جميع خلجانه، ومن الموضع المعروف بالأشتوم.

وقد كان بين البحر وبين هذه الأرض مسيرة يوم، وكان فيما بين العريش وجزيرة قبرس طريق مسلوك إلى قبرس تسلكه الدّوابّ يبسا، ولم يكن بين العريش وجزيرة قبرس في البحر سير طويل، حتى علا الماء الطريق الذي كان بين العريش وبين (h) قبرس (٣).

فلمّا مضت لدقلطيانوس من ملكه مائتان وإحدى وخمسون سنة، هجم الماء من البحر على بعض المواضع التي تسمّى اليوم بحيرة تنّيس فأغرقته، ويزيد في كلّ عام حتى أغرقتها بأجمعها؛ فما كان من القرى التي في قرارها غرق، وأمّا الذي كان منها على ارتفاع من الأرض فبقيت منها تونة وبورا، وغير ذلك ممّا هو باق إلى هذا الوقت، والماء محيط بها.

وكان أهل القرى التي في هذه البحيرة ينقلون موتاهم إلى تنّيس، فيقبرونهم واحدا فوق واحد (i). وكان استحكام غرق هذه الأرض بأجمعها قبل أن تفتح مصر بمائة سنة (٤).


(a) الأصل: بكواكب.
(b) بولاق: مصر.
(c) بولاق: من.
(d) بولاق: وغيره.
(e) إضافة من المسعودي.
(f) الأصل: بحار.
(g) الأصل: جنتهم.
(h) ساقطة من بولاق.
(i) بولاق: فنبشوهم واحدا
(١) النويري: نهاية الأرب ٧٨: ١٥.
(٢) ابن دقماق: الانتصار ٧٨: ٥.
(٣) المسعودي: مروج الذهب ٧٤: ٢ - ٧٥.
(٤) نفسه ٧٦: ٢؛ وقارن ابن دقماق: الانتصار ٩٧: ٥.