للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمن/ في طريقه حتّى قدم الإسكندرية في جنوده، فلقيته طائفة من بني مدلج، فهزمهم مرّتين، وأسر منهم وقتل.

ودخل الإسكندرية لعشر بقين من ذي الحجّة، ففرّ منه رؤساؤها، وكان عليها معاويّة بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرّحمن بن معاوية بن حديج، فأصلح أمرها.

ثم خرج إلى أهل البشرود فامتنعوا عليه، حتى قدم المأمون إلى مصر، فصار إلى البشرود، والأفشين قد أوقع بالقبط بها كما تقدّم ذكره.

ولمّا ولي إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الأغلب إفريقيّة في سنة إحدى وستين ومائتين، حسنت سيرته، فكانت القوافل والتّجّار تسير في الطّرق وهي آمنة، وبنى الحصون والمحارس على ساحل البحر، حتى كانت توقد النار من مدينة سبتة إلى الإسكندرية، فيصل الخبر منها إلى الإسكندرية في ليلة واحدة وبينهما مسيرة أشهر.

وفي سنة اثنتين وثلاث مائة دخل حباسة، في جيوش إفريقيّة إلى الإسكندرية في المحرّم، ومعه مائة ألف أو زيادة عليها، وقدمت الجيوش من المشرق مددا لتكين أمير مصر، وسار حباسة من الإسكندرية. ونودي بالنّفير في الفسطاط، لعشر بقين من جمادي الآخرة، فلم يتخلّف عن الخروج إلى الجيزة أحد من الخاصّة والعامّة، إلاّ من عجز عن الحركة لمرض أو عذر. وأتاهم حباسة، فلقوه وهزموه، ثم دار عليهم، فقتل من أهل مصر نحوا من عشرة آلاف، ونهض حباسة إلى إفريقيّة، وأقاموا بمصر مضطربين.

فأقبل مؤنس الخادم من العراق في رمضان بجيوش كثيرة، فصرف تكين في ذي القعدة.

وولى ذكا الأعور في صفر سنة ثلاث وثلاث مائة، فخرج في جيوشه إلى الإسكندرية، وتتبّع كلّ من يومئ إليه بمكاتبة صاحب إفريقيّة، فسجن منهم وقتل كثيرا. وجلا أهل لوبية ومراقية إلى الإسكندرية، في شوّال سنة أربع وثلاث مائة، خوفا من صاحب برقة (١).

وفي سنة سبع وثلاث مائة سارت مقدّمة المهدي عبيد اللّه من إفريقيّة، مع ابنه أبي القاسم، إلى لوبية. فهرب أهل الإسكندرية وجلوا عنها، وخرج منها مظفّر بن ذكا الأعور في جيشه، ودخلت إليه العساكر يوم الجمعة لثمان خلون من صفر، وفرّ أهل القوّة من الفسطاط إلى الشّام (٢)؛


(١) الكندي: ولاة مصر ٢٩١ - ٢٩٢.
(٢) نفسه ٢٩٢ - ٢٩٣.