للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخرج ذكا أمير مصر إلى الجيزة وعسكر بها، ثم مرض ومات على مصافّة بالجيزة في ربيع الأوّل (a) (١).

فولي تكين بعده ولايته الثانية من قبل المقتدر، ونزل الجيزة (٢). وأقبلت مراكب صاحب إفريقيّة إلى الإسكندرية علها سليمان الخادم، فقدم ثمل الخادم، صاحب مراكب طرسوس، فالتقيا برشيد في شوّال، فاقتتلا؛ فبعث اللّه ريحا على مراكب سليمان ألقتها إلى البرّ، فتكسّر أكثرها، وأخذ من فيها أخذا باليد، وقتل أكثرهم، وأسر من بقي وسيقوا إلى الفسطاط، فقتل منهم نحو سبع مائة رجل (٣).

وسار أبو القاسم بن المهدي من الإسكندرية إلى الفيّوم، وملك جزيرة الأشمونين والفيّوم وأزال عنها جند مصر. فمضى ثمل الخادم في مراكبه إلى الإسكندرية، فقاتل من بها من أهل إفريقيّة فظفر بهم، ونقل أهل الإسكندرية إلى رشيد. وعاد إلى الفسطاط، ومضى في مراكبه إلى اللاّهون، ولحقته العساكر فدخلوا إلى الفيّوم في صفر سنة سبع وثلاث مائة. فخرج أبو القاسم ابن المهدي إلى برقة، ولم يكن بينهما قتال، ورجعت العساكر إلى الفسطاط (٤).

وما زالت الإسكندرية وأعمالها في اضطراب إلى أن قدمت جيوش المعزّ لدين اللّه مع القائد جوهر، في سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة، فملكتها. وما برحت إلى أن قام بها نزار بن المستنصر، وكان من أمره ما قد ذكر عند ذكر خزائن القصر (٥).

وفي سنة اثنتي عشرة وستّ مائة، اجتمع بالإسكندرية ثلاثة آلاف من تجّار الفرنج، وقدمت بطسة (٦) إلى الميناء فيها من ملوك الفرنج ملكان، فهمّوا أن يثوروا ويقتلوا أهل البلد ويملكوها.

فتوجّه الملك العادل أبو بكر بن أيّوب إليها، وقبض على التّجّار المذكورن وعلى من بالبطسة،


(a) عند الكندي: ربيع الآخر.
(١) الكندي: ولاة مصر ٢٩٣.
(٢) نفسه ٢٩٣.
(٣) نفسه ٢٩٤.
(٤) نفسه ٢٩٥.
(٥) فيما يلي ٣٦١: ١، ٤٢٣.
(٦) البطسة ويقال أحيانا البطشة والجمع البطسات والبطس والبطشات والبطش. سفينة عظيمة الحجم كثيرة القلوع، قد يصل عدد القلوع في البطسة الواحدة إلى أربعين قلعا. كانت تستخدم لنقل الأزواد والميرة، كما كانت تستخدم في نقل جموع كبيرة من المحاربين قد يصل عددهم إلى سبع مائة. واشتهر هذا النوع من السفن في زمن الحروب الصليبية وكانت وظيفتها مشتركة لدى المسلمين والفرنج (درويش النخيلي: السفن الإسلامية ١٤ - ١٧).