للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آثارهم، فأدركهم عند الكوم الذي يقال له كوم شريك، فقاتلهم (a) فهزمهم وكان على مقدّمة عمرو - وعمرو بترنوط (b) - فألجأوه إلى الكوم فاعتصم به، وأحاطت به الرّوم.

فلمّا رأى ذلك شريك بن سميّ أمر أبا ناعمة مالك بن ناعمة الصّدفي - وهو صاحب الفرس الأشقر الذي يقال له أشقر صدف، وكان لا يجارى سرعة - فانحطّ عليهم من الكوم، وطلبته الرّوم فلم تدركه، حتى أتى عمرا فأخبره.

فأقبل عمرو متوجّها، وسمعت به الرّوم فانصرفت، ثم التقوا بسلطيس (c) فاقتتلوا قتالا شديدا، ثم هزمهم اللّه تعالى، ثم التقوا بالكريون فاقتتلوا بها بضعة عشر يوما؛ وكان عبد اللّه بن عمرو على المقدّمة، وحامل اللّواء يومئذ وردان مولى عمرو، فأصابت عبد اللّه بن عمرو جراحات كثيرة فقال: يا وردان لو تقهقرت قليلا نصيب الرّوح؛ فقال وردان: الرّوح تريد؟ الرّوح أمامك وليس هو (a) خلفك؛ فتقدّم عبد اللّه، فجاءه رسول أبيه يسأله عن جراحه، فقال/:

[الوافر]

أقول لها إذا جشأت وجاشت … رويدك تحمدي أو تستريحي (١)

وهذا البيت لعمرو بن الإطنابة (٢)، وهو أنّ رجلا من بني النّجّار كان مجاورا لمعاذ بن النّعمان فقتل، فقال معاذ: لا أقتل به إلاّ عمرا بن الإطنابة، وهو يومئذ أشرف الخزرج، فقال عمرو (٣):

[الوافر]

ألا من مبلغ الأكفاء عنّي … وقد تهدي النّصيحة للنّصيح

فإنّكم وما تزجون شطري … من القول المرغّي والصّريح

سيندم بعضكم عجلا عليه … وما أثر اللّسان إلى الجروح


(a) ساقطة من بولاق.
(b) بولاق: بمريوط.
(c) بولاق: بسلطيس.
(١) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ٧٣ - ٧٤، والبيت فيه:
أقول إذا ما جاشت النفس اصبري … فعن ما قليل تحمدي أو تلامي
(٢) عمرو بن عامر بن زيد مناة بن عامر الأنصاري، والإطنابة أمّه وهي بنت شهاب بن زبّان من بني القين بن جسر، شاعر قديم من فرسان قومه وسادتهم، ملك الحجاز وكان على قومه في بعض حروبهم مع الأوس (أبو الفرج: الأغاني ١٢١: ١١ - ١٢٤؛ المرزباني: معجم الشعراء، تحقيق عبد الستار فراج، القاهرة ١٩٦٠، ٨ - ٩؛ ابن حبيب: من نسب إلى أمه من الشعراء، تحقيق عبد السلام هارون - نوادر المخطوطات، القاهرة ١٩٥٤، ٩٥: ٢).
(٣) انظر الأبيات وتخريجها عند البصري: الحماسة البصرية، تحقيق وشرح ودراسة عادل سليمان جمال، القاهرة ١٩٩٩، ٧: ١ - ٨.