للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر سيف بن عمر أنّ عمرو بن العاص بعث إلى الإسكندرية، وهو على عين شمس، عوف ابن مالك، فنزل عليها وبعث يقول لأهلها: إن شئتم أن تنزلوا فلكم الأمان، فقالوا: نعم.

فراسلهم وتربّصوا أهل عين شمس، وسبى (a) المسلمون من بين ذلك (١).

وقال ابن عبد الحكم: ويقال إنّ المقوقس إنّما صالح عمرو بن العاص (b)) على الرّوم وهو محاصر الإسكندرية، قال اللّيث بن سعد: إن عمرو بن العاص (b) لمّا فتح الإسكندرية حاصر أهلها ثلاثة أشهر، وألحّ عليهم فخافوه، وسأله المقوقس الصّلح عنهم كما صالحه على القبط، على أن يستنظر رأي الملك. فحدّثنا يزيد بن أبي حبيب أنّ المقوقس الرّومي، الذي كان ملكا على مصر، صالح عمرو بن العاص على أن يسير من الرّوم من أراد المسير، ويقرّ من أراد من الرّوم على أمر قد سمّاه. فبلغ ذلك هرقل ملك الرّوم، فتسخّط أشدّ التّسخّط (c)، وأنكره أشدّ الإنكار، وبعث الجيوش فأغلقوا أبواب الإسكندرية، وآذنوا عمرا بالحرب؛ فخرج إليه المقوقس فقال: أسألك ثلاثا؛ قال: ما هنّ؟ قال: لا تبذل للرّوم ما بذلت لي، فإنّي قد نصحت لهم فاستغشّوني، ولا تنقض بالقبط فإنّ النّقض لم يأت من قبلهم، وأن تأمر بي إذا متّ فادفنّي في أبي يحنّس؛ فقال عمرو: هذه أهونهنّ علينا (٢).

قال: فخرج عمرو بالمسلمين حين أمكنهم الخروج، وخرج معه جماعة من رؤساء القبط، وقد أصلحوا لهم الطّرق، وأقاموا لهم الجسور والأسواق، وصارت لهم القبط أعوانا على ما أرادوا من قتال الرّوم. وسمعت بذلك الرّوم فاستعدّت واستجاشت وقدمت عليهم مراكب كثيرة من أرض الرّوم فيها جمع عظيم من الرّوم بالعدّة والسّلاح، فخرج إليهم عمرو من الفسطاط متوجّها إلى الإسكندرية، فلم ير منهم أحدا، حتى بلغ ترنوط فلقي بها طائفة من الرّوم، فقاتلهم قتالا خفيفا فهزمهم اللّه.

ومضى عمرو بمن معه حتى لقي جمع الرّوم بكوم شريك (٣). فاقتتلوا ثلاثة أيّام، ثم فتح اللّه على المسلمين، وولّى الرّوم أكتافهم. ويقال بل أرسل عمرو بن العاص شريك بن سميّ في


(a) بولاق: وسار.
(b-b)) ساقطة من بولاق.
(c) بولاق: فسخط أشد السخط.
(١) الطبري: تاريخ الرسل والملوك ١٠٨: ٤.
(٢) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ٧٢ - ٧٣.
(٣) كوم شريك، انظر فيما يلي ٤٩٦.