للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن ملتم عن الواجب ملت عنكم. وحطّ جماعة عن مراتبهم، وصرف طلما (a) عن خلافته، واستخلف غيره، وأنفذ طلما (a) إلى الصّعيد في جماعة من الإسرائيليين، وجدّد بناء الهياكل، وبنى القرى، وأثار معادن كثيرة، وكنّز في صحراء الشّرق عدّة كنوز، وكان يحبّ الحكمة.

ثم تجبّر وعلا أمره وأمر ألاّ يجلس أحد في مجلسه ولا في قصر الملك لا كاهن ولا غيره، بل يقومون على أرجلهم حتى يمضوا. وزاد في أذى الناس والعنف بهم، ومنع فضول ما بأيديهم وقصرهم على القوت، وجمع أموالهم، وطلب النّساء وانتزع كثيرا منهن، وفعل أكثر مما فعله من تقدّم قبله، واستعبد بني إسرائيل، وقتل جماعة من الكهنة، فأبغضه الخاصّ والعامّ.

وثار طلما (a) بالصّعيد وكاتب وجوه النّاس، فكتب لاطيس بصرفه عن العمل، فامتنع وحارب عساكره، وزحف حتى دخل منف (١).

طلما (a) بن قومس فرعون موسى، يقال إنّ اسمه الوليد بن مصعب بن أراهون بن الهلوت بن قاران بن عمرو بن عمليق بن بلقع بن عابر بن أشليخا بن لود بن سام بن نوح، وإنّه من العمالقة. وكان قصيرا، طويل اللّحية، أشهل العين اليمنى، صغير العين اليسرى، أعرج. وزعم قوم أنّه من القبط، وأنّ نسبه ونسب أهل بيته مشهور عندهم، وقيل غير ذلك (٢).

وكان من خبره ما ذكرنا في كنيسة دموه (٣).

وقال ابن عبد الحكم: ولمّا أغرق اللّه فرعون بقيت مصر بعد غرقه ليس فيها من أشراف أهلها أحد، ولم يبق إلاّ العبيد والأجراء والنّساء، فأعظم أشراف من بمصر من النّساء أن يولّين منهم أحدا، وأجمع رأيهن أن يولّين امرأة يقال لها دلوكة. فملكت دلوكة ابنة زبّاء، ويقال دلوكه بنت زّفان (b) - وكان لها عقل وتجارب ومعرفة، وكانت في شرف منهن، وهي يومئذ بنت مائة وستين سنة - فبنت جدارا حصّنت به مصر من الأعداء، وكان من حدّ زنج إلى إفريقية إلى الواحات إلى بلد النّوبة، على كلّ موضع منه حرس قيام ليلهم ونهارهم، يقدون النار وقودا لا يطفأ أبدا، أحاطت به على جميع أرض مصر كلّها/ في ستة أشهر، وهو حائط العجوز (٤).


(a) بولاق: ظلما.
(b) بولاق: فاران.
(١) النويري: نهاية الأرب ١٣٣: ١٥ - ١٣٥.
(٢) نفسه ١٣٥: ١٥ - ١٣٦.
(٣) فيما يلي ٤٦٤: ٢.
(٤) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ٢٦ - ٢٧، وقارن المسعودي: مروج الذهب ٨٧: ٢ - ٨٨؛ النويري: نهاية الأرب ١٣٨: ١٥ - ١٣٩؛ وانظر فيما يلي ٥٤١ - ٥٤٢.